التّفاعل بين المتغيّرات الاجتماعيّة في اندماج اللّاجئين السّوريين في لبنان وقدرتهم على الصّمود

التّفاعل بين المتغيّرات الاجتماعيّة في اندماج اللّاجئين السّوريين في لبنان وقدرتهم على الصّمود
L’interaction entre les variables sociales dans l’intégration des réfugiés syriens au Liban et leur résilience
د. ميساء عبّاس الحاج سليمان
Dr. Mayssa Abbas Hajj Sleiman
تاريخ الاستلام 24/ 2/2025 تاريخ القبول 15/3/ 2025
الملخّص
في سياق عالميّ يتّسم بحركات الهجرة الجماعيّة، أصبحت السّياسات المجتمعيّة والحلول المستدامة ضروريّة لإدارة الهجرة واللّجوء؛ وفي لبنان، سَلَّط تدفُّق اللاجئين السّوريّين الضّوء على أهمّيّة المتغيّرات الاجتماعيّة، مثل الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ والتّعليم والجنس والثّقافة في إدماج اللاجئين وقدرتهم على الصّمود؛ فهذه المتغيّرات لا تُؤثِّر على تكيُّف اللاجئين فحسب، بل تُؤثِّر أيضًا على تصوّرات وردود أفعال المجتمعات المحليّة تجاه سياسات الهجرة.
تهدف هذه الدّراسة إلى استكشاف أثر المتغيّرات الاجتماعيّة على اندماج اللّاجئين السّوريين في لبنان، ومدى تأثيرها في تشكيل تصوّرات المجتمعات المضيفة واستجابتها للسّياسات المطبَّقة؛ كما نسعى إلى فهم الدّيناميكيّات بين هذه المتغيّرات والتّحدّيات التي تفرِضُها سياسات الهجرة في السّياق اللّبنانيّ.
تعتمد الدّراسة على نهج مختلط يجمع بين التّحليلات الكمّيّة والنّوعيّة، وأجرينا استطلاعات بين اللاجئين السّوريّين في مناطق عدّة في لبنان، لجمع بيانات حول وضعهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ ومستوى التّعليم والجنس والثّقافة، وقارنّا هذه البيانات مع تصوّرات المجتمعات المحليّة التي حصلنا عليها من خلال مقابلات شبه منظَّمة مع أفراد المجتمعات المضيفة، وكذلك مع ممثِّلي السُّلُطات المحلية.
تشير النتائج الأوليّة إلى أنّ الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ والتّعليم من العوامل الحاسمة في دمج اللاجئين، فتؤثِّر بشكل مباشَر على وصولهم إلى الموارد والخدمات، ويؤدّي النّوع الاجتماعيّ دورًا حاسمًا، لا سيّما فيما يتعلّق بالأمن والحصول على العمل. علاوة على ذلك، فإنّ ثقافة اللّاجئين وتقاليدهم، عندما تختلف بشكل حادّ عن ثقافة وتقاليد المجتمعات المحلية، يُمكِن أن تُسهِّل الاندماج أو تُعيقه. وأخيرا، غالبا ما تَتَشكّل تصوّرات المجتمعات المحليّة للاجئين من خلال سياسات الهجرة، مع اختلاف الاستجابات تبعًا للتّجارب المباشرة مع اللاجئين والاستقرار الاجتماعيّ والاقتصاديّ في المناطق المعنيّة.
تُظهِر هذه الدّراسة أنّ للمتغيّرات الاجتماعيّة تأثيرًا كبيرًا على اندماج اللّاجئين السّوريين في لبنان، وأنّ فهم هذه الدّيناميكيّات أمر بالغ الأهمّيّة لتطوير سياسات هجرة أكثر فعاليّة وتعزيز التّعايش الأفضل بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة. وتُقدِّم هذه النّتائج وجهات نظر لتحسين سياسات المجتمع في إدارة الهجرة واللّجوء.
الكلمات الرّئيسة:
الهجرة، اللاجئون السّوريّون، الاندماج، المرونة، المتغيّرات الاجتماعيّة، لبنان، السّياسات المجتمعيّة.
Abstract
Dans un contexte mondial marqué par des mouvements migratoires massifs, les politiques communautaires et les solutions durables sont devenues essentielles pour la gestion des migrations et de l’asile. Au Liban, l’afflux de réfugiés syriens a mis en évidence l’importance des variables sociales telles que le statut socio-économique, l’éducation, le genre et la culture dans leur intégration et leur résilience. Ces variables influencent non seulement l’adaptation des réfugiés, mais aussi les perceptions et les réactions des communautés locales face aux politiques migratoires.
Cette étude vise à explorer comment ces variables sociales affectent l’intégration des réfugiés syriens au Liban et dans quelle mesure elles façonnent les perceptions et les réponses des communautés hôtes aux politiques mises en place. Nous cherchons à comprendre les dynamiques entre ces variables et les défis imposés par les politiques migratoires dans le contexte libanais.
L’étude adopte une approche mixte combinant analyses quantitatives et qualitatives. Des enquêtes seront menées auprès des réfugiés syriens dans plusieurs régions du Liban afin de collecter des données sur leur statut socio-économique, leur niveau d’éducation, leur genre et leur culture. Ces données seront comparées aux perceptions des communautés locales, recueillies à travers des entretiens semi-structurés avec des membres des communautés hôtes ainsi qu’avec des représentants des autorités locales.
Les résultats préliminaires indiquent que le statut socio-économique et le niveau d’éducation sont des facteurs déterminants de l’intégration des réfugiés, influençant directement leur accès aux ressources et aux services. Le genre joue également un rôle crucial, notamment en ce qui concerne la sécurité et l’accès à l’emploi. De plus, la culture et les traditions des réfugiés, lorsqu’elles diffèrent fortement de celles des communautés locales, peuvent soit faciliter, soit entraver l’intégration. Enfin, les perceptions des communautés locales sont souvent façonnées par les politiques migratoires, avec des réactions variables selon les expériences directes avec les réfugiés et la stabilité socio-économique des régions concernées.
Cette étude démontre que les variables sociales ont un impact significatif sur l’intégration des réfugiés syriens au Liban. Comprendre ces dynamiques est crucial pour développer des politiques migratoires plus efficaces et favoriser une meilleure coexistence entre réfugiés et communautés hôtes. Ces résultats offrent des perspectives pour améliorer les politiques communautaires de gestion des migrations et de l’asile.
Mots-clés
Migration, réfugiés syriens, intégration, résilience, variables sociales, Liban, politiques communautaires.
المقدّمة
منذ اندلاع الأزمة السّوريّة في عام 2011، واجه لبنان تحدّيات غير مسبوقة نتيجة تدفّق أعداد كبيرة من اللّاجئين السّوريين، فقد استقبل لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 6.8 مليون نسمة، أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، فجعله ذلك البلد الذي يستضيف أعلى نسبة من اللاجئين مقارنة بعدد السّكّان عالميًّا، وتسبّب هذا التّدفّق في ضغوط هائلة على البنية التّحتيّة المحليّة والخدمات العامّة، وأدّى إلى زيادة التّوترات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، في ظلّ غياب سياسات هجرة وطنيّة واضحة (Amnesty International, 2019).
يتميّز هذا السّياق بترابط عميق بين الجوانب الإنسانيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، ممّا يجعل قضيّة اللاجئين السّوريّين في لبنان نموذجًا عالميًّا يعكس التّحدّيات المترتّبة على النّزوح القسريّ؛ لذا، فإنّ هذا البحث يسعى إلى تحليل شامل للعوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تؤثّر على اندماج اللّاجئين، مع التّركيز على تجربة لبنان بوصفها دراسة حالة مهمّة.
السّياق العامّ
يعتمد لبنان على مبادرات محلية ومنظمات غير حكومية لإدارة تدفقات اللاجئين، مما أسفر عن نهج إداري غير متجانس (Janmyr, 2016). يواجه اللاجئون تحديات كبيرة تشمل محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، والظروف المعيشية غير المستقرة، وتراجع الفرص الاقتصادية. تفاقمت هذه التحديات بسبب تصورات المجتمع المضيف الذي يَعتبر وجود اللاجئين تهديدًا لاستقراره الاقتصادي والاجتماعي. في هذا السياق، تُعدّ المتغيرات الاجتماعية مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والتعليم، والجنس، والثقافة عوامل حاسمة تؤثِّر على قدرة اللاجئين على الاندماج والصمود(World Bank, 2019).
أهمّيّة البحث
تكتسب هذه الدراسة أهمّيّة كبيرة، إذ تتناول واحدة من أكثر القضايا المُلحّة في العصر الحديث، وهي إدارة تدفّقات اللاجئين. يوهدف البحث إلى تقديم رؤى جديدة حول كيفية تأثير المتغيرات الاجتماعية في تجربة اللاجئين السوريين في لبنان، مع التركيز على الجوانب التي يمكن تحسينها لتعزيز التعايش والتكامل. ويهدف هذا البحث إلى تحليل تأثير هذه المتغيرات على اندماج اللاجئين السّوريّين، ودورها في صياغة وتنفيذ سياسات الهجرة المحليّة، مما يساعد في تطوير حلول أكثر استدامة لإدارة الهجرة في لبنان.
إشكاليّة البحث
في سياق يشهد سياسات هجرة مجزّأة في لبنان، تؤدّي المتغيرات الاجتماعية دورًا محوريًا في اندماج اللاجئين السوريين وقدرتهم على الصّمود. ويعكس الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ، ومستوى التّعليم، والجنس، والثّقافة ديناميكيّات معقّدة تؤثّر على اندماج اللاجئين وتفاعلهم مع المجتمعات المضيفة. كما تسهم هذه المتغيّرات في تشكيل تصوّرات الأفراد والسّلطات تجاه اللاجئين، فتؤثّر على سياسات الهجرة المحليّة.
أسئلة البحث
- كيف يؤثّر الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ للاجئين السّوريين على اندماجهم في المجتمع اللّبنانيّ؟
- إلى أيّ مدى يعزّز مستوى تعليم اللاجئين أو يُحِدّ من قدرتهم على الاندماج والصّمود؟
- ما تأثيرات الجنس على تجارب اللاجئين في الاندماج والقدرة على الصّمود في لبنان؟
- كيف تتفاعل ثقافة اللاجئين الأصليّة مع الثّقافة المحليّة لتشكيل عملية اندماجهم داخل المجتمع المضيف؟
فرضيّة البحث
تفترض هذه الدّراسة أنّ اندماج اللاجئين السّوريين في لبنان يتأثّر بعدّة متغيّرات اجتماعيّة رئيسة تشمل الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ، ومستوى التّعليم، والجنس، والثّقافة (Mastrorocco & Schöps, 2018).
- الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ: اللاجئون ذوو الوضع الأفضل يندمجون بسهولة أكبر بفضل توفُّر الموارد وفرص العمل، بينما يواجه الفقراء عقبات تَحدّ من اندماجهم.
- مستوى التعليم: التّعليم العالي يُسهِّل الاندماج عبر تعزيز فرص العمل والقدرة على التّعامل مع سياسات الهجرة.
- الجنس: تواجه النّساء تحدّيات بسبب الأعراف الثّقافيّة، ولكن يُتوقَّع من الرّجال دعم الأسرة، فيؤثر على صمودهم.
- الثّقافة: قد تساعد الثّقافة الأصليّة في تعزيز الهوية، لكنّها قد تعيق الاندماج إذا تعارضت مع ثقافة المجتمع المضيف.
تؤكّد الفرضيّات أنّ هذه المتغيّرات تتفاعل بشكل معقّد، مما يستدعي وضع سياسات هجرة تراعيها لضمان لضمان اندماج أكثر فاعلية واستدامة.
أهداف البحث
- تحليل تأثير الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ
- تقييم كيف يؤثِّر الوضع الاقتصاديّ على فُرص اللاجئين في العمل والتّعليم وتحسين نوعيّة حياتهم.
- دراسة دور التّعليم
- فهم العلاقة بين مستوى التّعليم والقدرة على التّكيّف والاندماج الاجتماعيّ.
- تحليل تأثير الجنس
- دراسة الفروق بين تجارب الرّجال والنّساء اللاجئين.
- تأثير الثّقافة
- استكشاف دور الثّقافة الأصليّة في تعزيز أو عرقلة الاندماج.
- تصوّرات المجتمع المضيف
- تحليل مواقف المجتمع المضيف تجاه اللاجئين وكيفيّة تأثيرها على ديناميكيّات الاندماج.
- تقديم توصيّات
- صياغة سياسات مستدامة لتحسين إدارة اللاجئين واندماجهم.
المنهجيّة
- العيّنة
اعتمدنا في هذا البحث منهجًا مختلطًا يجمع بين الأساليب الكمّيّة والنّوعيّة لتقديم رؤية شاملة، وستتكوّن العيّنة من 150 لاجئًا سوريًّا، واخترناهم عشوائيًّا من المخيّمات والمناطق الحضريّة وفقًا لمعايير تشمل الدّخل، ومستوى التّعليم، والجنس. كما اخترنا 100 فرد من المجتمعات المضيفة بطريقة عشوائيّة طبقيّة، لضمان تمثيل الفئات العمريّة والمهنيّة المختلفة؛ أمّا السّلطات المحليّة، فاخترنا منها 20 ممثّلًا من البلديّات والجهات المعنيّة باستخدام تقنّية كرة الثّلج والاتّصالات المباشرة مع المؤسّسات ذات الصّلة.
- طُرق جمع البيانات
- استبيانات مغلقة ومقابلات شبه منظّمة.
- التّحليل الإحصائيّ للبيانات باستخدام برامج مثل SPSS.
- تحليل البيانات النّوعيّة
- استخدام التّرميز المواضيعيّ لتحليل المقابلات وتحديد الأنماط المتكرّرة.
مراجعة الأدبيّات
تلخيص الدّراسات السّابقة
تشير الدّراسات إلى أنّ اندماج اللاجئين يتأثّر بعوامل مثل الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ، والتّعليم، والجنس، والثّقافة (Lee & al., 2020)؛ فاللاجئون ذوو الدّخل المرتفع والتّعليم العالي يواجهون صعوبات أقلّ في الاندماج (Smith, 2019)، ويمكن أن تؤثر العادات الثّقافية سلبًا أو إيجابًا على هذه العمليّة (Kunz, 2021). كما تواجه النّساء اللاجئات تحدّيات إضافيّة، مثل التّمييز وضعف فرص العمل (Hassan & Thomas, 2022)، وتؤدّي سياسات الهجرة دورًا رئيسًا في توفير الموارد التي تسهّل الاندماج (Miller, 2018).
الفجوات البحثيّة
تعاني الأدبيات الحالية من نقص في الدّراسات التي تدمج جميع هذه العوامل في تحليل شامل. كما تفتقر الأبحاث إلى المقارنات مع سياقات دوليّة مشابهة، فيجعل من الصّعب تعميم النّتائج على مناطق أخرى؛ إضافة إلى ذلك، هناك نقص في الدّراسات التي تستكشف كيف تؤثّر تصوّرات المجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة على سياسات الهجرة.
التّحليل النّقديّ
تُبرٍز مراجعة الأدبيّات الحاجة إلى دراسات أوسع تشمل مقارنة بين تجارب اللاجئين في لبنان وسياقات دوليّة مماثلة. ويهدف هذا البحث إلى سدّ هذه الفجوات من خلال تحليل شامل للعوامل الاجتماعيّة المؤثّرة على الاندماج، فيساعد في تطوير سياسات أكثر فاعليّة لدعم اللاجئين.
النّتائج الرّئيسة
اللاجئون السّوريّون
- التّعليم
رسم بيانيّ: مستوى التّعليم بين اللاحئين
- 74 % من اللّاجئين لم يحصلوا على تعليم رسميّ.
- التّعليم يعدّ عاملًا رئيسًا في تسهيل التّكيّف الاجتماعيّ والاقتصاديّ.
- الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ
رسم بيانيّ: توزيع اللاجئين حسب مستوى الدّخل
- يتراوح دخل 67% من اللاجئين بين 200 و500 دولار شهريًا.
- يعاني معظم اللاجئين من ظروف معيشية غير مستقرّة، وصعوبات في تأمين الاحتياجات الأساسيّة.
- تجربة التّمييز
رسم بيانيّ: تصوّر التّمييز من قبل اللاجئين
-
- 73 لاجئَا: لم يشعروا بالتّمييز.
- 61 لاجئَا: أفادوا بأنّهم تعرّضوا للتّمييز في بعض الأحيان.
- 22 لاجئًاْ: قالوا إنهم عانوا من التّمييز بشكل متكرّر.
على الرّغم من أنّ الأغلبية لا ترى أيّ تمييز، إلّا أنّ نسبة كبيرة من اللّاجئين (حوالي 41%) أفادوا بأنّهم تعرّضوا له، مما:
-
- قد يعيق اندماجهم الاجتماعيّ.
- يزيد من التّوترات مع المجتمعات المحليّة.
- الثّقافة
رسم بيانيّ: أهمّيّة ثقافة المنشأ بالنّسبة إلى اللّاجئين
- تؤدّي الثّقافة الأصليّة دورًا مزدوجًا؛ فهي مصدر للصّمود؛ ولكنّها قد تعزل اللّاجئين إذا لم تُفهم من قبل المجتمع المضيف.
- التّحدّيات الجنسانيّة
رسم بيانيّ: تجارب التّحدّيات الجنسانيّة بين اللاجئين
- النّساء يواجهن استغلالًا وعنفًا إضافيًّا في المخيّمات.
- الرّجال يتحمّلون ضغوطًا اجتماعيّة كبيرة لتوفير الدّعم الماليّ للأسر.
تكشف البيانات عن حالة من الضّعف الاجتماعيّ والاقتصاديّ الكبير بين اللاجئين التي تفاقمت بسبب المستوى التّعليميّ المنخفض للغاية. ولم تتلقَّ أغلبيّة كبيرة من المجيبين أيّ تعليم رسميّ، فيحدّ ذلك بشدّة من فُرصهم في الاندماج الاقتصاديّ والاجتماعيّ؛ وفي الوقت نفسه، يُظهر اللاجئون اعتمادًا قويًّا على ثقافتهم الأصليّة كآليّة للصّمود، لكنّهم يواجهون أيضًا تجارب كبيرة من التّمييز وتحدّيات محدّدة تتعلّق بالجنسين، وتُعدّ هذه العوامل مجتمِعة ضروريّة لفهم ديناميكيّات التّكامل والاحتياجات المحدَّدة لهذه الفئة الضّعيفة من السّكّان.
المجتمعات المضيفة
- تصوّرات الاندماج
رسم بيانيّ: تقييم إدماج اللاجئين من قبل المجتمعات المحلّيّة
- تَعد 85% من المجتمعات المضيفة أنّ اندماج اللّاجئين ضعيف.
- التّوتّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة تؤثِّر على تصوّرات المجتمع تجاه اللاجئين.
- تصوّر التّغييرات في الحيّ
رسم بيانيّ: التغييرات الملحوظة في الحيّ منذ وصول اللاجئين
-
- 94 % من المشاركين: لاحظوا تغييرات في الحيّ منذ وصول اللّاجئين السّوريّين.
- 6 % فقط: لم يلاحظوا أيّ تغييرات.
- 0 %: كانوا متردّدين أو غير متأكّدين.
يشير شبه الإجماع في الرّدود الإيجابيّة إلى أنّ وصول اللّاجئين السّوريّين كان له تأثير ملحوظ على الأحياء:
-
- يمكن أن تشمل هذه التّغييرات جوانب اقتصاديّة، واجتماعية، أو في البنية التّحتيّة.
- تؤثر هذه التّغييرات على تصوّرات ومواقف المجتمعات المضيفة.
- العلاقات
رسم بياني: طبيعة العلاقات بين المجتمعات المحلية واللاجئين
- معظم العلاقات بين المجتمعات المضيفة واللّاجئين مهنيّة.
- العلاقات الودّيّة نادرة، ممّا يزيد من حدّة الفجوة الاجتماعيّة.
تُظهِر البيانات تصوّرًا سلبيًّا في الغالب لدمج اللّاجئين السّوريّين في المجتمعات المضيفة، وترى أغلبية كبيرة من المشاركين أنّ اندماج اللّاجئين أمر سيّء أو سيّء للغاية، ممّا يعكس توترات اجتماعية كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ 94% من المشاركين تغيرات في أحيائهم منذ وصول اللاجئين، مما يشير إلى تأثير كبير على الحياة اليومية للمجتمعات المحلية. العلاقات بين أفراد المجتمعات المضيفة واللاجئين هي في الأساس ذات طبيعة مهنية، في حين أن العلاقات الودية نادرة. وهذا النقص في الاتصال الشخصي يمكن أن يساهم في استمرار التصورات السلبية والتوترات الاجتماعية. يسلّط هذا الملخص الضوء على تصورات المجتمعات المحلية فيما يتعلق بإدماج اللاجئين، فضلًا عن أنواع العلاقات القائمة بين المجموعتين.
السلطات المحلية
- السياسات المعمول بها
رسم بياني: تنفيذ سياسات اللاجئين السوريين
- تُركِّز السياسات على التعليم والرعاية الصحية، مع إهمال الإسكان.
- تَفتقر السلطات إلى الموارد المالية والدعم المؤسّسي اللازم لتحسين إدارة اللاجئين.
- التقييم
رسم بياني: المعايير المستخدمة من قبل السلطات لتقييم سياسات التكامل
- تُستخدم معايير مثل مشاركة اللّاجئين في الحياة المجتمعيّة كإشارة إلى نجاح السّياسات.
- أنواع الدّعم الإضافي المطلوب
رسم بيانيّ: الدّعم الإضافيّ اللّازم لتحسين إدارة الهجرة
-
- زيادة الموارد الماليّة: الأكثر طلبًا. (11)
- مراجعة السّياسات الحاليّة: الثّانية في الأهمّيّة. (12)
- الشراكات مع المنظمات غير الحكومية: تحتل المرتبة الثالثة. (9)
- تدريب موظفي الخدمة المدنيّة: تمّ ذكرها من قبل 3 مشاركين فقط.
تشير زيادة الموارد الماليّة ومراجعة السّياسات إلى شعور السّلطات المحليّة بالضغط على قدراتها الحاليّة. كما تُعدّ الشّراكات مع المنظّمات غير الحكوميّة ضروريّة لسدّ الثّغرات الموجودة في إدارة اللّاجئين. أمّا الحاجة المنخفضة لتدريب الموظفين تشير إلى أنّ السّلطات المحليّة تعتقد أنّ لديها قاعدة مهارات كافية، لكنّهم يحتاجون إلى دعم هيكليّ وماليّ لتحسين الفعاليّة.
تُظهر البيانات التي تمّ جمعها من السّلطات المحليّة نهجًا متنوّعًا في تنفيذ السّياسات الخاصّة باللّاجئين السّوريين، وتركّز غالبيّة الجهود على الوصول إلى التّعليم والعمل والرّعاية الصّحيّة، على الرّغم من توفّر عدد قليل من برامج الإسكان. وفيما يتعلّق بتقييم نجاح سياسات الإدماج، تؤكّد السّلطات المحليّة على مشاركة اللاجئين في الحياة المجتمعيّة وحصول الأطفال اللّاجئين على التّعليم؛ أمّا فيما يتعلّق بالاحتياجات الإضافيّة، فتحُدِّد السّلطات المحليّة الحاجة إلى زيادة الموارد الماليّة، ومراجعة السّياسات الحاليّة، وتعزيز الشّراكات مع المنظّمات غير الحكوميّة لتحسين إدارة الهجرة واللّجوء.
ويجمع هذا الملخّص الأولويّات والتّحدّيات التي تواجهها السّلطات المحليّة في إدارة اللاجئين، إضافة إلى الاستراتيجيّات الحاليّة والاحتياجات المتصوَّرة لتحسين إدماج اللاجئين في المجتمعات المحليّة.
عرض البيانات النّوعيّة
- المواضيع المتكرّرة
يتناول هذا البحث التّحليل النّوعيّ للتّجارب والتّصوّرات المتعلّقة باللّاجئين السّوريّين في لبنان، إضافة إلى ردود فعل المجتمع المضيف والسّلطات المحليّة، وجمع البيانات من خلال مقابلات مفتوحة مع كلّ من اللّاجئين والمجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة لتحديد التّحدّيات والفرص المرتبطة بالاندماج والوجود السّوريّ في لبنان.
1. تجارب اللّاجئين السّوريّين
- التّحدّيات الاجتماعيّة والثّقافية: يواجه اللاجئون صعوبة في الاندماج بسبب اختلافات ثقافيّة ولغويّة، فضلًا عن مشاعر التّهميش والإقصاء؛ إذ يعبِّر بعضهم عن إحساس بالعزلة والرّفض من المجتمع المضيف.
- الاندماج والتّكيّف: على الرّغم من الصّعوبات، يبدي بعضهم مرونة في التّكيّف مع الظّروف الجديدة، في حين يشعر آخرون أنّ مستقبلهم في لبنان غامض.
- تأثير الثّقافة الأصليّة: يجد بعض اللّاجئين أنّ ثقافتهم الأصليّة توفّر لهم مصدر أمان، في حين إنّ بعضًا آخر يعاني من الصّراع الثّقافيّ والتّأثيرات السّلبيّة على عمليّة الاندماج.
- التّمييز على أساس الجنس: تواجه النّساء تحدّيات إضافيّة، حيث يعبِّرن عن مشاعر القلق والإحباط بسبب عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
2. مواقف المجتمعات المضيفة
- المساهمات الإيجابيّة: بعض المجتمعات المضيفة ترى أنّ اللّاجئين يساهمون في دعم القطاعات الاقتصاديّة مثل الزّراعة والبناء، في حين يرى آخرون أنّ وجودهم يضغط على سوق العمل.
- المساهمات السّلبيّة: يتمثّل القلق في تأثير اللاجئين على توفير الخدمات العامّة وموارد البنية التّحتيّة، إضافة إلى تغييرات في الدّيناميكيّات الاجتماعيّة والثّقافيّة.
- التّعايش الاجتماعيّ: بينما يتعاون بعض المواطنين مع اللّاجئين، يعبّر آخرون عن مخاوفهم من التّوترات الاجتماعيّة والمشاكل النّاجمة عن الاختلافات الثّقافيّة والدّيموغرافيّة.
- ردود فعل السّلطات المحليّة
- التّحدّيات الاقتصاديّة والماليّة: تواجه السّلطات المحليّة صعوبة في التّعامل مع العبء الاقتصاديّ الذي يسبِّبه وجود اللاجئين، من خلال الضغط على الخدمات العامّة والبنية التّحتيّة.
- التّعاون مع المنظّمات الدّوليّة: تشير بعض السّلطات إلى أهمّيّة التّعاون مع المنظّمات الإنسانيّة؛ لتوفير الدّعم الماليّ والخدمات الأساسيّة، خاصّة في المناطق المتأثّرة.
- التّحدّيات الأمنيّة: تثير السّلطات المحليّة مخاوف أمنيّة تتعلّق بالضّغط السّكّاني والازدحام، فتزيد من التّوتّرات في بعض المناطق.
- التّأثير على التّوازن الاجتماعيّ: السّلطات المحليّة تلاحظ التّأثيرات السّلبيّة على النّسيج الاجتماعيّ، حيث يسهم تزايد أعداد اللاجئين في تغييرات ديموغرافيّة وثقافيّة.
- الاقتباسات البارزة
تستعرض الاقتباسات البارزة التي تمّ جمعها خلال البحث التّحدّيات والتّصوّرات المختلفة من جانب اللاجئين السّوريّين والمجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة، فيتعزّز فهمنا لواقع المعيشة والتّفاعلات في سياق الهجرة في لبنان.
اللاجئون السوريون
- تجربة الهشاشة الاقتصاديّة
- تعكس بعض الاقتباسات معاناة اللاجئين من الوضع الاقتصاديّ الصّعب، حيث تعبِّر إحدى اللاجئات عن الخوف المستمرّ بسبب الظّروف الماليّة، قائلة: “نعيش في خوف دائم ولا نعلم متى سنجد الوجبة التّالية.”
- كما يشير آخر إلى تأثير الوضع الماليّ على تعليم الأطفال: “لا أستطيع تسجيل أطفالي في المدرسة بسبب نقص الإمكانيّات الماليّة.”
- المشاكل الصّحيّة والحصول على الرّعاية
- يُعبّر لاجئ عن تأثير حالته الصّحيّة السّيئة على حياته اليوميّة: “حالتي الصّحيّة السّيئة تمنعني من التّنقّل والبحث عن عمل.”
- العنف والاستغلال
- بعض اللاجئات يُجبَرن على العمل في ظروف قاسية: “أُجبرتُ على العمل كامرأة، رغمًا عنّي، تحت التّهديد.”
- أخرى تشير إلى استغلال النّساء من قبل مسؤولي العمل: “الشّاويش السّوري يطالبنا نحن النّساء اللاجئات بالعمل بالقوّة.”
المجتمعات المضيفة
- تصوّر مساهمات اللاجئين
- على الرّغم من بعض المساهمات الإيجابيّة التي يراها بعض أفراد المجتمع المحليّ، مثل: “يوفِّر اللاجئون السوريون عمالة ماهرة في مهن مهمّة مثل الزّراعة والبناء وأعمال التّنظيف”، إلّا أنّ هناك من يرى أنّ وجودهم يهدّد فرص العمل: “يقبلون رواتب أقلّ، مما يضرّ بفرص العمل للمواطنين اللّبنانيين.”
- التّأثير الاجتماعيّ والثّقافيّ
- تبدو تأثيرات ثقافيّة واجتماعيّة في المجتمع المحليّ، مثل: “ارتفاع معدّل المواليد والضّغط على الخدمات العامّة كالتّعليم والصّحّة.”
- تظهر التّحدّيات المرتبطة بالاختلافات الثّقافية: “اختلاف ثقافاتهم يؤدّي إلى سوء الفهم والمشاكل مع المجتمع المضيف.”
السّلطات المحليّة
- تحدّيات تنفيذ سياسات الهجرة
- يعكس بعض المسؤولين المحليين الشّعور بالإرهاق بسبب العبء الذي تسبّبه الهجرة: “نشعر بالإرهاق؛ لأنّ لبنان منهَك بالفعل اقتصاديًّا واجتماعيًّا.”
- يُشير بعض المسؤولين إلى أنّ وجود اللاجئين في المخيّمات المعزولة يُعقّد عمليّة الاندماج الاجتماعي: “وجودهم في مخيّمات معزولة يُعقِّد الاندماج الاجتماعيّ.”
- تصوّر سياسات الحلول المستدامة
- تعكس بعض التّصوّرات السّلبيّة تجاه اللّاجئين، حيث يرى بعض المواطنين والمسؤولين أنّهم “سبب جميع المشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة.”
- يرفض المجتمع المضيف بعض الحلول الدّائمة التي قد تسهم في استمرار اللّجوء: “المجتمع المضيف يرفض الحلول الدّائمة؛ لأنها من الممكن أن تديم فكرة اللّجوء.”
تقدّم هذه الاقتباسات فهمًا أعمق للأوضاع المعقَّدة التي يعيشها اللّاجئون السّوريّون والمجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة في لبنان. كلّ مجموعة تُعبِّر عن تحدّيات وأصوات متفاوتة تؤثِّر على ديناميكيّات الاندماج الاجتماعيّ والاقتصاديّ، فتُعزِّز أهمّيّة التّحليل النّوعي لفهم الواقع المعيش بشكل شامل ودقيق.
- مقارنة وجهات النّظر
يُظهر التّحليل المقارَن بين وجهات النّظر المتباينة للاجئين السّوريّين، المجتمعات المضيفة، والسّلطات المحلّيّة جوانب عدّة تبرز التّحدّيات المشتركة والمختلفة بين هذه المجموعات، ممّا يساعد في فهم الدّيناميكيّات الاجتماعيّة والثّقافية المرتبطة بالتّعايش المشترك.
1. التّحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّ
- اللاجئون: يركِّز اللاجئون على صعوبات تأمين احتياجاتهم الأساسيّة، مثل العمل والتّعليم والرّعاية الصّحيّة؛ إذ تشير العديد من الاقتباسات إلى شعورهم بالقلق المستمرّ حول الاستقرار الاقتصاديّ، مثل قول أحدهم: “نعيش في خوف دائم ولا نعرف متى سنحصل على الوجبة التّالية”.
- المجتمعات المضيفة: يُظهر أفراد المجتمع المضيف قلقهم من تأثير وجود اللاجئين على رفاههم الاجتماعيّ والاقتصاديّ، لا سيّما من خلال زيادة المنافسة على الوظائف وضغط الخدمات العامّة. كما عبَّر أحدهم عن هذا بقوله: “إنّهم يقبلون رواتب أقلّ، فيؤثر ذلك على فرص العمل للمواطنين اللّبنانيّين”.
- السّلطات المحليّة: تتقاسم السّلطات المحليّة القلق من العبء الاقتصاديّ، وتسلّط الضّوء على تحدّيات إدارة هذا الوضع بموارد محدودة، إضافة إلى صعوبة تنفيذ سياسات فعّالة بسبب نقص الدّعم المركزيّ. قال أحد المسؤولين المحليّين: “نشعر بالإرهاق؛ لأن لبنان منهك اقتصاديًّا واجتماعيًّا بالفعل”.
2. الأسئلة الأمنيّة
- اللاجئون: بينما لا يُولي اللّاجئون الأولويّة للقضايا الأمنيّة بقدر ما تفعل المجتمعات المضيفة أو السّلطات، فإنّ بعضهم يعبِّرون عن قلق بشأن الظروف المعيشيّة في المخيّمات وتهديدات العنف أو الاستغلال.
- المجتمعات المضيفة: يزداد القلق الأمنيّ في صفوف المجتمعات المضيفة، حيث يعبِّرون عن مخاوف من زيادة الجريمة أو دخول عناصر تخريبية؛ وقد عبَّر أحد أفراد المجتمع عن هذه المخاوف بقوله: “زيادة الجريمة بسبب وجودهم”.
- السّلطات المحليّة: تُدرك السّلطات المحليّة هذه المخاوف، وتواجه صعوبة في الحفاظ على النّظام والأمن مع مراعاة حقوق اللاجئين؛ ويشير أحد المسؤولين المحليّين إلى تحدّيات إضافيّة في تأمين تكامل اجتماعيّ فعّال: “وجودهم في مخيّمات معزولة يعقِّد الاندماج الاجتماعي”.
3. التّكامل الثّقافيّ
- اللاجئون: يُظهر اللاجئون قلقًا واضحًا حول التّكيّف مع ثقافة قد تكون غريبة عليهم؛ فهم لا يشعرون دائمًا بالتّرحيب، ممّا يعيق اندماجهم. كما عبَّر أحدهم عن هذا الشّعور بقوله: “نحن هنا فقط للبحث عن الأمان والعمل”.
- المجتمعات المضيفة: يشعر أفراد المجتمعات المضيفة بالقلق من الاختلافات الثّقافيّة، إذ قد تؤدّي إلى صراعات أو تهدِّد هويّتهم الثّقافيّة. وأشار أحدهم إلى ذلك، فقال: “اختلاف ثقافتهم يؤدّي إلى سوء الفهم والمشاكل مع المجتمع المضيف”.
- السّلطات المحليّة: تشارك السّلطات المحليّة المواطنين هذه المخاوف، وتواجه تحدّيًّا في إدارة التّعايش بين ثقافات مختلفة وتجنُّب الصراعات. كما وصف أحد المسؤولين المحليّين هذه الصّعوبة بقوله: “وجود اللاجئين ضمن المجتمع المضيف يخلق مشكلة التّكامل بينهم”.
يُظهر التّحليل أنّ اللاجئين والمجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة يشتركون في قلقهم من التّحدّيات الاقتصاديّة؛ لكنّ وجهات نظرهم تختلف بشكل كبير بشأن قضايا الأمن والتّكامل الثّقافيّ؛ فبينما يركِّز اللاجئون على قضايا البقاء اليوميّ، فإنّ المجتمعات المضيفة والسّلطات المحليّة أكثر اهتمامًا بالتّأثيرات الطّويلة المدى على الأمن والتّماسك الاجتماعي، وتُسلِّط هذه المقارنات الضّوء على ضرورة تطوير حلول متوازنة تلبّي احتياجات جميع الأطراف وتعزِّز التّعايش السّلميّ والمستدام بين هذه المجموعات.
مناقشة النّتائج
- ملخّص النّتائج
- تأثير الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ على اندماج اللاجئين السّوريّين
تشير البيانات إلى أنّ الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ يشكّل عاملًا رئيسًا في تحديد فرص اندماج اللاجئين السّوريين (Harb & Saab, 2014)؛ فاللّاجئون ذوو الوضع المادّيّ الضّعيف يواجهون تحدّيات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسيّة والفرص الاقتصاديّة، فيعيق اندماجهم في المجتمع المضيف.
- دور التّعليم في المرونة والتّكامل
التّعليم يُعَدّ أداة حاسمة في تعزيز مرونة اللّاجئين واندماجهم (UNHCR, 2016)، فاللّاجئون، خصوصًا الشّباب الذين يحصلون على تعليم، يُظهرون تطوّرًا في قدراتهم على الاندماج اقتصاديًّا واجتماعيًّا، على الرّغم من التّحدّيات المتعلقّة بالوصول المحدود إلى التّعليم.
- تأثير النّوع الاجتماعيّ على تجربة الاندماج:
تُظهر النّتائج أنّ النّساء اللاجئات يواجهن تحدّيات فريدة مرتبطة بالأدوار الاجتماعيّة التّقليديّة وزيادة المسؤوليّات الأسريّة، فيؤدّي إلى صعوبة في الاندماج، ويواجه الرّجال أيضًا تحدّيات اجتماعيّة ولكن بشكل مختلف (UN Women, 2017).
- تأثير ثقافة المنشأ على ديناميكيّات الاندماج:
تتداخل ثقافة اللاجئين مع الثّقافة المحليّة، حيث يمكن أن تساهم بعض الممارسات الثّقافيّة في التّوتّرات مع المجتمعات المضيفة، ولكن يمكن للبعض الآخر أن يسهم في تسهيل الاندماج (Hynie, 2018).
- تأثير تصوّرات المجتمعات المضيفة على الاندماج:
تختلف تصوّرات المجتمعات المضيفة حول اللاجئين؛ فبينما قد تعيق النّظرة السّلبيّة اندماجهم، تسهم النّظرة الإيجابيّة في تسهيل عمليّة التّكامل.
- توصيات لتحسين سياسات الهجرة والاندماج:
- توصي الدّراسة بتعزيز برامج التّعليم والتّدريب المهنيّ، والتّوعية المجتمعيّة لتحسين ظروف الاندماج، واتّباع نهج متكامل يشمل التّعامل مع الفوارق بين الجنسين (Scholten, 2013).
- تفسير النّتائ:
- الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ:
تؤكّد النّتائج أنّ الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ للّاجئين يحدّد قدرتهم على الاندماج؛ فاللاجئون الذين يتمتّعون بوضع اقتصاديّ جيّد يكونون أكثر قدرة على الاندماج، بفضل توفّر فرص العمل وسهولة الوصول إلى الخدمات المتاحة لهم.
- المستوى التّعليميّ:
- أظهرت الدّراسة أنّ التّعليم يعزّز من فرص اندماج اللاجئين، حيث يوفّر لهم المهارات اللّازمة للاندماج في سوق العمل والمشاركة في الحياة الاجتماعيّة.
- الجنس:
تُظهِر الدّراسة أنّ هناك تباين بين الجنسين في تجربة الاندماج؛ فالنساء يواجهن صعوبات أكبر في الوصول إلى سوق العمل بسبب الأعراف الثقافية التقييدية، في حين يواجه الرّجال ضغوطًا اجتماعية لدعم أسرهم. - الثّقافة:
تظهر النّتائج أنّ الثّقافة الأصليّة للّاجئين يمكن أن تكون مصدرًا لصمودهم، ولكنّها قد تخلق أيضًا توتّرات مع المجتمعات المضيفة إذا كانت تتناقض مع المعايير المحليّة.
- المقارنة مع الأدبيّات
تنسجم نتائج هذه الدراسة مع الأدبيّات السّابقة التي تؤكّد دور الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ في اندماج اللّاجئين، حيث أبرزت الأبحاث أنّ اللاجئين ذوي الدّخل المرتفع ومستويات التّعليم العالية يندمجون بسهولة أكبر؛ ومع ذلك، تُبرز دراستنا أنّ نقص الموارد في لبنان يجعل الاندماج أكثر تعقيدًا مقارنة بالدّول ذات أنظمة الدّعم الاجتماعيّ القويّة.
فيما يخص التعليم، تدعم نتائجنا ما أكدّته الدّراسات السّابقة حول أهمّيّته في تعزيز الاندماج، لكنّنا نضيف أن محدوديّة الموارد في لبنان تعيق وصول اللاجئين إليه، ممّا يحدّ من تأثيره كعامل اندماج فعّال.
أمّا على مستوى النّوع الاجتماعيّ، فتؤكّد الأدبيّات أنّ النّساء اللّاجئات يواجهن تحدّيات مضاعفة بسبب التّمييز الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وتتوافق دراستنا مع هذه النّتائج، لكنّها توضّح أيضًا أنّ هذه العوائق تعمّق عدم المساواة بين الجنسين داخل المجتمعات اللاجئة.
من النّاحية الثّقافية، أشارت الأدبيّات إلى أنّ الفوارق الثّقافية قد تعيق الاندماج وتسبّب توتّرات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، وتتماشى نتائجنا مع هذه الفكرة؛ لكنّها تبرز أيضًا كيف يمكن للثّقافة أن تكون في بعض الحالات عاملًا لتعزيز المرونة الاجتماعيّة، وليس مجرّد عائق أمام الاندماج.
بذلك، تؤكّد هذه الدّراسة على أهمّيّة التّفاعل بين العوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتّعليميّة والثّقافيّة والجندريّة في تشكيل ديناميكيّات اندماج اللاجئين السّوريّين في لبنان، كما تُبرز الحاجة إلى سياسات تكامل أكثر مرونة تستجيب لهذه العوامل المعقّدة، وهي فجوة لم تعالجها الدّراسات السّابقة بشكل شامل، خاصّة في المقارنات مع سياقات دوليّة مماثلة.
خاتمة الدّراسة
تمثِّل هذه الدّراسة خطوة مهمّة في فهم ديناميكيّات اندماج اللّاجئين السّوريّين في لبنان وتأثير مجموعة من المتغيّرات الاجتماعيّة على تجربتهم. خلصت النّتائج الرّئيسة إلى أنّ اندماج اللّاجئين يتأثّر بعوامل مثل الوضع الاجتماعيّ والاقتصادي والتّعليم والنّوع الاجتماعيّ والثّقافة، وتصوّرات المجتمعات المضيفة.
النّتائج الرّئيسة
- تأثير الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ: تَبيّن أنّ اللّاجئين ذوي الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ الأعلى يندمجون بشكل أفضل في المجتمعات المضيفة، حيث يتمتّعون بإمكانيّة وصول أكبر إلى الفرص الاقتصاديّة والخدمات، في حين يواجه اللّاجئون الفقراء عقبات كبيرة تؤثّر سلبًا على قدرتهم على الاندماج.
- دور التّعليم: أظهرت الدّراسة أنّ التّعليم يعدّ عاملًا حاسمًا في اندماج اللّاجئين، إذ يوفّر لهم فرصًا أفضل للمشاركة في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
- تأثير النّوع الاجتماعيّ: يعاني النّساء من تحدّيات إضافيّة تتعلّق بالأعراف الثّقافية المقيِّدة، ويواجه الرّجال ضغطًا اجتماعيًّا لدعم أسرهم، فيؤثّر على قدرتهم على التّكيّف.
- تأثير الثّقافة: للثّقافة الأصلية للاجئين تأثير مزدوج؛ حيث تساعدهم على الحفاظ على هويّتهم لكنّها قد تعرقل تكاملهم إذا تعارضت مع ثقافة المجتمع المضيف.
- تصوّرات المجتمعات المضيفة: تؤدّي تصوّرات المجتمعات المحليّة دورًا كبيرًا في اندماج اللاجئين، حيث تؤثّر هذه التّصوّرات في قبول اللّاجئين بناءً على المساهمات الاقتصاديّة والموارد المتاحة.
- توصيات لسياسات الهجرة: تحتاج سياسات الهجرة إلى تعديل يراعي المتغيّرات الاجتماعيّة مثل الوضع الاجتماعي والتّعليم والنّوع الاجتماعيّ والثّقافة لضمان تكامل أفضل للاجئين.
المساهمات المعرفيّة
تُسهم هذه الدّراسة في إثراء الأدبيّات المتعلّقة بتكامل اللاجئين من خلال دراسة تأثير المتغيّرات الاجتماعيّة على عملية الاندماج، كما تقدّم فهمًا معمّقًا للسّياق اللّبنانيّ وتسلّط الضّوء على دور التّعليم والثّقافة في دعم قدرة اللاجئين على الصّمود، وتكشف الدّراسة أيضًا كيف يمكن أن تكون الثّقافة عقبة أو مصدرًا للمرونة، ممّا يستدعي مزيدًا من البحث حول كيفيّة إدارة الاختلافات الثّقافيّة في سياسات الهجرة.
الآفاق المستقبليّة
تفتح هذه الدّراسة المجال لاستكشاف تفاعلات المتغيّرات الاجتماعيّة المختلفة مع فعاليّة سياسات الهجرة في سياقات إقليميّة أخرى. وتؤكّد على أهمّيّة تكييف سياسات الهجرة لتلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المضيفة، خاصّة في ظلّ الظّروف المعقّدة التي تواجهها هذه الفئات.
التّوصيات
تشمل التّوصيات الملموسة التي تهدف إلى تحسين تكامل اللاجئين في لبنان:
- تعزيز السّياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة لدعم فرص العمل لريادة الأعمال بين اللّاجئين.
- تحسين الوصول إلى التّعليم، مع التّركيز على تقليل العقبات البيروقراطيّة.
- إطلاق حملات توعية لتغيير تصوّرات المجتمعات المضيفة وتعزيز التّعايش السّلميّ.
- تشجيع المساواة بين الجنسين في سياسات الهجرة.
- تعزيز الحوار بين الثّقافات لتقليل العوائق الثّقافية.
تكشف هذه الدّراسة عن تعقيدات عمليّة إدماج اللاجئين السّوريّين في لبنان، وتؤكّد أهمّيّة اتّباع نهج شامل في تصميم سياسات الهجرة، كما تبرز الحاجة إلى دعم مرن يستهدف الفئات الضّعيفة، وخاصّة النّساء وأصحاب التّعليم المنخفض؛ إضافة إلى ذلك، تفتح هذه الدّراسة أفقًا جديدًا للبحث المستقبليّ، مثل دراسة تأثير مدّة إقامة اللّاجئين على تكاملهم، فتسهم في بناء سياسات أكثر شمولًا واستدامة، كما يُسلِّط هذا البحث الضّوء على التّحدّيات الرّئيسة التي تواجه اللّاجئين السّوريّين في لبنان والمجتمعات المضيفة لهم، إذ يعكس أهمّيّة النّظر إلى القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة من منظور شامل يراعي جميع الأطراف المعنيّة، لتحقيق تكامل مستدام، يتطلّب الأمر سياسات مُحكَمة ودعمًا دوليًّا ومحليًّا مشتركًا. ومن خلال هذا النّهج، يمكن أن يصبح لبنان نموذجًا يحتذى به في إدارة قضايا اللاجئين على الصّعيدين الإقليميّ والدّوليّ.
References:
- Amnesty International. (2019). « Le Liban et les réfugiés syriens : une crise prolongée. Rapport annuel sur la situation des réfugiés au Liban ». Londres : Amnesty International. p. 23.
- Harb, C. & Saab, R. (2014). “Social Cohesion and Intergroup Relations: Syrian Refugees and Lebanese Nationals in the Bekaa and Akkar“, Lebanon Support, p. 45.
- Hassan, R., & Thomas, L. (2022). “Gender Dynamics and Refugee Integration: Challenges and Opportunities.” International Journal of Migration and Gender Studies, 19(2), 45-58.
- Hynie, M. (2018). “The Social Determinants of Refugee Mental Health in the Post-Migration Context: A Critical Review“. Canadian Journal of Psychiatry, 63(5), p. 303.
- Janmyr, M. (2016). Precarity in Exile: The Legal Status of Syrian Refugees in Lebanon. Refugee Survey Quarterly, 35(4), 58-78.
- Kunz, R. (2021). “The Role of Socioeconomic Status in Refugee Integration: A Comparative Analysis.” Journal of Migration and Development, 10(2), 45-60.
- Lee, M. H., Park, J., & Kim, S. (2020). “Education and Income: Key Factors in Refugee Integration Outcomes.” International Journal of Refugee Law, 32(1), 23-38
- Mastrorocco, D., & Schöps, S. (2018). “The impact of social variables on refugee integration: A comprehensive review.” International Migration Review, 52(4), 1150-1177, p. 165.
- Miller, C. (2018). “Impact of Migration Policies on Refugee Integration: A Review of Asylum and Support Programs.” Journal of Migration and Policy Studies, 22(3), p.115.
- Scholten, P. (2013). “Agenda Dynamics and the Multi-Level Governance of Intractable Policy Controversies: The Case of Migrant Integration Policies in The Netherlands”. Policy Sciences, 46(3), p. 217.
- Smith, J. T. (2019). “Cultural Practices and Refugee Integration: Navigating Between Tradition and Adaptation.” Journal of Cultural and Migration Studies, 15(4), 120-135.
- (2016). “Global Trends: Forced Displacement in 2015“. United Nations High Commissioner for Refugees. p. 28-29.
- UN Women. (2017). “Gender and the Syrian Refugee Crisis“. UN Women Discussion Paper, p. 12.
- World Bank. (2019). The Welfare of Syrian Refugees: Evidence from Lebanon. Washington, DC: World Bank. Page 32.
عدد الزوار:21