المؤثّرات الاجتماعيّة بين المسلمين والصّليبيين في العصور الوسطى

المؤثّرات الاجتماعيّة بين المسلمين والصّليبيين في العصور الوسطى
Political, Economic and Social Relations Between The Muslims and the Crusaders In Egypt and the Levant in the Middle Ages (487-690H – 1095-1291AD)
ياسمين وحيد هلال[1]
Yasmin Wahid Hilal
أ.د علي حلّاق مشرفًا رئيسًا أ.د محمد علي القوزي مشرفًا مشاركًا
تاريخ الاستلام 28/11/2024 تاريخ القبول 20/12/2024
الملخّص
بعد دخول الصّليبيّين إلى المشرق وتأسيسهم إمارات ومملكة فيه، وعلى مدى مئتي سنة، استفاد الصّليبيّيون من المسلمين جلّ الفائدة، خاصّة أنّه لم تكن طيلة هذه الحقبة حروب ومعارك، حيث كان هناك الكثير من العلاقات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة، هذا الأمر أكسب الصّليبيّين العديد من العادات والمهارات وغيرها.
وكانت العادات الاجتماعيّة والثّقافيّة الّتي أخذها الصّليبيّون عن المسلمين كثيرة، وكذلك كان هناك تأثير عمليّ كبير من خلال الطّب والفلسفة والعلوم الأخرى، ولا ننسى أنّ الصّيد الّذي كان يقوم به المسلمون أخذه الصّليبيّيون عنهم، علاوة على فنّ العمارة الّذي انتقل إلى أوروبا واستفادت منه، خاصّة في العمارة ذات الطّابع العسكريّ.
الكلمات المفتاحيّة: المسلمين، الصّليبيّين، العلاقات الاجتماعيّة، المؤثّرات، الصّيد، العمارة.
Abstract
After the Crusaders entered the East and established emirates and a kingdom there for nearly two hundred years, the Crusaders benefited greatly from the Muslims, especially since there were no wars or battles, during which there were many economic, social and cultural relations. This matter gained the Crusaders a variety of customs, skills, and cultural habits. The social and cultural customs were many, which the Crusaders took from the Muslims, and there was also a great practical influence through medicine, philosophy and other sciences. It is also worth noting that the by the Crusaders were influenced by the inherent hunting skills in Muslims, which they later adopted, in addition to the art of architecture, which was subsequently transferred to Europe to be utilized, especially with regards to architecture of a military nature.
Keywords: Muslims, Crusaders, social relations, influences, hunting, architecture
كان المجتمع في بلاد الشّام في فترة الحروب الصّليبيّة خليطاً من الأجناس والأعراق والقوميّات واللّغات والأديان، وعلى الرّغم من التّفاوت الدّينيّ واللّغويّ بين هؤلاء إلّا أنّه كان هناك نوع من الانسجام نتيجة تأثّرها ببعضها البعض، حيث نقل حلّاق عن فوشيه دو شارتيه أنّ الصّليبيّين تحوّلوا إلى مشرقيّين على الرّغم من أصولهم الأوروبيّة، حيث أصبح فلسطينياً او مقدسياً أو طرابلسياً، وعزّز هذا الأمر حالة الزواج من المشرقيّات سواء السّوريّات أو الأرمنيّات، على حدّ وصف شارتر، حيث أنه من خلال هذه الصّورة تبيّن أن المجتمع الشّامي كان مجتمعاً مختلطاً، ومردّ ذلك إلى وجود الصليبيّين لمدّة طويلة.
وانطلاقاً من العنوان تتولّد معنا الإشكاليّة التّالية: ما هي الأسباب التي دعت إلى نشوء علاقات بين المسلمين والصّليبيّين وما هو مستوى هذه العلاقات؟
ولا بدّ للإشكاليّة من فرضيّة، حيث تنشأ معنا الفرضيّة التّالية، بحكم تجاور كلّ من المسلمين والصّليبيّين الّذين سكنوا المشرق وأسّسوا لهم إمارات ومملكة، لا بدّ من وجود علاقات وخاصّة في ظلّ الفترة الطّويلة.
اما المنهج المتبّع فهو المنهج التّاريخيّ في عرض للأحداث التّاريخيّة من مصادرها بما يخدم موضوع الدّراسة، والمنهج التّحليليّ المقارن في العرض للمعلومات التّاريخيّة من مصادرها المختلفة العربيّة منها والأجنبيّة، الّتي عرضت تاريخ الدّول الّتي عاصرت الحروب الصّليبيّة وبخاصّة المصادر الّتي عاصرت أكثر من دولة، والمقارنة بينها.
أمّا عن تقسيم البحث فقد تمّ تقسيمه إلى مقدّمة ومبحثين اثنين، الأوّل: علاقة المسلمين بالصّليبيّين والثّاني التّأثيرات الاجتماعيّة والمعماريّة للحروب الصّليبية، وخاتمة.
المبحث الأول: علاقة المسلمين بالصّليبيّين في العصور الوسطى
عند بدء المقارنة بين وضع العرب والأوروبيّين لا بدّ من المقارنة التّاريخية بين الطرفين، فمنذ عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد[2] ومعاصره الفرنسي شارلمان، يعتبر من الحكام الأقوياء في التّاريخ الأوروبي إلّا أنه كان على قدر من الجهل، في المقابل كانت بغداد تعج بالكتب والعلوم والمدارس، هذا الأمر يبين مدى التباين الواسع بين العرب المسلمين وأوروبا، أفضى في مرحلة لاحقة إلى التّعاون والتّبادل الثّقافي وإن بشكل غير مباشر، يذكر أنّ أوروبا كانت ترزح تحت سلطة الباباوات في حين كانت المدن العربيّة تزخر بالمدارس المكتبات والمراكز العلميّة (كرد علي، 2017، ص179).
وقد استمرّ الوضع على هذا الحال حتى في فترات الضّعف الّتي تلت العصر العبّاسي، والصّراعات الدّائرة بين الدّولة الأيّوبيّة والفاطميّة وما تلاها من دخول الصّليبيّين إلى البلاد العربيّة وقد تمخّض عن ذلك العديد من النّتائج ليس فقط على الصّعيد العسكريّ، وإنّما على الصّعيد العمليّ والمعرفيّ والاقتصاديّ (كرد علي، 2017، ص267)، وكانت بلاد الشّام في تلك الفترة خليطًا من الأجناس والقوميات واللّغات والأديان (الفرنسيين، الإنكليز، الإيطاليّين والإلمان إلى جانب العرب والكرد والأرمن والتّرك)، مع انتشار الدّيانات الثّلاثة (اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام) هذه الجماعات بدأت تنقسم وتتأثّر ببعضها البعض(حلاق، 2007، ص309).
رجع آلاف من العسكر الصّليبيّ إلى أوروبا وهم محمّلون بأفكار مغايرة لتلك الّتي رسموها في مخيّلتهم قبيل الحروب الصّليبيّة، من أنّ المسلمين على قدر من التّوحّش والهمجيّة في التّعامل مع الحجاج المسيحيّين إلى بيت المقدس، فقد تعلّم الصّليبيّون من المسلمين التّسامح حيث أنّ المسلمين كانوا على قدر كبير من التّسامح في التّعامل مع الصّليبيّين، وهذا ما تجلّى في ما قام به صلاح الدّين الأيّوبي عندما دخل بيت المقدس فإنّه لم ينكّل بالصّليبيّين مثلما فعلوا هم بل على العكس تماماً( المطوي، 1982، ص159).
وقد تأثّر الصّليبيّون بالعرب في العادات والتّقاليد فيرى بعض المؤرخين التّسامح الدّينيّ بين الإفرنج والمسلمين، واكتسبوا عادة مأخوذة عن العرب مثل لبس الخاتم عند الخطبة أو الزّواج، كما أنهم لبسوا الملابس الشّرقيّة واسعة الأكمام زاهية الألوان وأطلقوا لحاهم، ليس هذا فقط، بل حتى نوع الموسيقا التي كانوا يستمعون إليها، فقد استخدموا الآلات الموسيقية العربية. وقد تشبّهت المرأة الصّليبيّة بالمرأة العربيّة من حيث لباسها وزينتها، فاتّخذت الصّليبيّات لزينتهنّ المجوهرات الدّمشقيّة والقاهريّة، والفراء والأقمشة المصنوعة من وبر الجمل (حلاق، 2007، ص311).
ومن الأمور المشتركة بين الإفرنج والمسلمين رحلات الصّيد الّتي كانوا يقومون بها في المقاطعات والإمارات المشتركة، إضافة إلى القيام ببعض المباريات الرّياضيّة وسباقات الخيل واللّعب بالرّماح فهذه الرّحلات والألعاب أدّت إلى إقامة صداقات بين الحجّاج المسيحيّين والإفرنج وبين القائمين في البلاد( ابن منقذ، 2003، ص295).
اتّخذت الحياة الاجتماعيّة في العصر الفاطميّ مظاهر خاصّة تقلّبت بين ألوان من البذخ والتّرف قلّ ما نجدها في عصر آخر من عصور مصر الإسلاميّة. وقد استدل على ترفهم، القصور الّتي بنوها ليتخذوها مساكن لهم ولأفراد أسرهم ومن أشهرها القصر الشّرقيّ الكبير، وكان به عدّة أبواب منها باب الذّهب وتعلوه منظرة وباب العيد وأمامه رحبة مرتفعة يقف فيها الجنود في يومي العيدين وتُعرف برحبة العيد (سرور، 2015، ص 144).
ولم يكن الصّليبيّون الذين استقرّوا في الشّرق أقلّ شأناً في ترتيب بيوتهم ومساكنهم، تأثّراً بالفاطميّين. وقد أخذوا من المشرقيّين الكثير من الأمور، كدماثة الخلق أولاً واللّين في الطّباع والأنس، وغيرها من الصّفات الّتي لم تكن موجودة لديهم فيما سبق، ويرى بعض أمراء الصّليبيّين أنّ القتال بين المسلمين والصّليبيّين هو انتحار أخويّ. أمّا على الصّعيد الاجتماعيّ فيرى النّقّاش بأنّ الصّليبيّين اتّخذوا لبيوتهم أثاثاً يتناسب والرّوح المشرقيّة وغيرها من التفاصيل المشرّبة بثقافة المشرق وطبائعه(النقاش، 1958، ص145). أي تأثّر الصليبيّون بالمسلمين في النواحي الاجتماعيّة والشّخصيّة المتعلّقة بالجوانب العامّة للحياة الاجتماعيّة في المأكل والملبس والمعيشة.
اتّبع الصّليبيّون الكثير من العادات في الطعام أخذاً عن العرب فمن الفطائر إلى المعجنات والتّمر الهندي، ووصل الأمر في بعضهم إلى الامتناع عن أكل لحم الخنزير تشبّهاً بالعرب، الأمر الذي جعل الصّليبيّين على قدر كبير من الاندماج في المجتمعات التي احتلوا أرضها، وهنا لابد من الإشارة إلى أن العرب المسلمين لم يأخذوا من الصّليبيّين شيء يذكر من العادات بسبب كون جلّ عادات الصّليبيّين لا تتوافق مع تعاليم الإسلام، أمّا بالنّسبة لأعيادهم فقد حذا الصّليبيّون حذو المسلمين لجهة الطقوس والتّرتيبات فتشبهت أعياد الصّليبيّين لجهة جوقات الطّرب، حيث استعملوا الطّبل والمزمار والقيثارة والرّبابة وغيرها من الآلات الموسيقيّة المشرقيّة، كما استعانوا أسوة بالمسلمين بالمغنيّات اللّاتي قدّمن الحفلات( النقاش، 1958، ص148).
وكان شهر رمضان المبارك من أهمّ المواسم الدّينيّة الّتي عني الفاطميّون بإحيائها وكانت المآذن والأسمطة مظهراً من مظاهر الاحتفال بالمواسم والاعياد في العصر الفاطمي بمصر عُني الفاطميون بتنظيمها عناية خاصة، كما بالغوا في اعدادها سواء كان ذلك في المساجد أو في قصر الخليفة أو في دار الوزير. (سرور، 2015، ص 147).
وكان الشّعب المصريّ يستقبل جميع هذه المواسم بمظاهر الفرح والسّرور إلّا يوم عاشوراء كان يوم حزن عام تعطّل فيه الأسواق ويخرج المنشدون إلى الجامع الأزهر ليلقوا الأناشيد في رثاء الحسين، وفي اليوم نفسه يقام سماط يسمى سماط الحزن في ظهر بسيط وكان يقدّم عليه خبز الشّعير والعدس والجبن يحضره الخليفة ملثّماً ومرتدياً الثياب القاتمة (سرور، 2015، ص 149).
وكانت مجالس الطّرب والغناء واللّهو تقوم على شواطئ الخليج بالقاهرة في أوائل عهد الحاكم بأمر الله، فلما تجلى الانحلال الاجتماعيّ من جراء هذه المجالس أصدر الحاكم قوانين يمنع بموجبها سماع الموسيقى ويحرم البعض الاخر الغناء والملاهي الّتي تعدّ خطرًا على الاخلاق العامّة، ولكن ما لبثت أن عادت إلى الظّهور بعد وفاة الحاكم وقد كان الخليفة المستنصر باللّه يميل إلى سماع المغنيّات، وكان اللّاعب بالخيال معروفاً في مصر في العهد الفاطمي فيخرج النّاس في بعض الأعياد ويطوفون شوارع القاهرة بالخيل والتّماثيل والسّناجات كما احترف بعضهم التّقليد والمحاكاة( المقريزي، د ت، ج2، ص389).
وكانت المجالس الاجتماعيّة تعقد في قصور الخلفاء والوزراء والأعيان حيث يجتمع العلماء والأدباء للمناظرة والمناقشة وكانوا يجتمعون في المجالس الخاصّة لقضاء أوقات فراغهم في لعب الشّطرنج والنرد. (سرور، 2015، ص 152).
يذكر أنّ خارج مواسم الأعياد المتعلّقة بالمسلمين فقد تأثّر الصليبيون إلى حدّ كبير بالمسلمين لجهة كثرة الأعياد والاحتفالات والبحث عن الرفاهية، فقد كان الصّّليبيّون يقضون أوقاتهم في الصّيد واللّعب أنواع مختلفة من الرّياضة الّتي تعتمد على ما توفّره البيئة أي أنّ الصّليبيين تأثّروا بالمسلمين والفاطميّين على وجه الخصوص لناحية الأنشطة والرّياضات التّرفيهيّة الّتي كانوا يقومون بها من حين لآخر، فقد نقل النّقّاش عن أسامة بن منقذ قوله إنّ الصّليبيّين يلعبون بالرّماح والسّباق بين الخيول وغيرها من الأنشطة والألعاب وهي أنماط من ألعاب يستخدم فيها الشّاميّون الخيول، فهي نمط يتعلّق بتأثّر الصّليبيّين بالمسلمين بصورة مباشرة وكنتيجة طبيعيّة للاحتكاك الّذي حصل بين الطّرفين خلال فترة طويلة من الزّمن نسبيّاً (النّقّاش، 1958، ص149).
كان التّأثير في المجال الاقتصاديّ ذو تأثير مباشر على الجانب الاجتماعيّ، بطبيعة الحال بسبب الاحتكاك بين الفاطميّين والصليبيّين مما جعلهم في فضاء اقتصاديّ واحد، الأمر الّذي جعل هناك تفاعل وعلاقات اقتصاديّة بينهما، أثّرت على الجانب الاجتماعيّ وكنتيجة طبيعيّة لوجودهم بجوار بعضهم البعض، حتّم وجود علاقات اجتماعيّة أخذت أشكالاً عدّة كما مرّ معنا.
كان المجتمع في بلاد الشّام في العهد الصّليبيّ خليطًا من الاجناس والقوميّات واللّغات والأديان ومع انتشار اليهوديّة والنّصرانيّة والإسلام ولغات عدّة، وبالرّغم من التّباين والتّفاوت الاجتماعيّ والقوميّ والدّينيّ واللّغوي بدأت هذه الجماعات تنسجم وتتأثّر بعضها من بعض الاخر( عوض، 2000، ص132).
وقد أقبل الصّليبيّون على الزّواج من المسيحيّات من الموارنة والأرمن والسّريان وبعض المسلمات الأسيرات اللّاتي تنصرن، وقد أقبل المسلمون بدورهم على الزّواج من الأسيرات الإفرنجيّات أو الزّواج من الفتيات اللّائي ولِدن من زواج الصّليبيّ بنساء شرقيّات، وقد نشأ عن هذه الزّيجات جيل من المولّدين عرفوا باسم الأفراخ، وقد غلبت عليهم طبائع وعادات الشّرق، ولم ير الصّليبيّون مانعًا من الاستعانة بهؤلاء المولّدين من الموارنة والأرمن والسّريان والمسلمين في تشكيل فرق الخيالة الخفيفة الّتي عرفت باسم تركوبول (عاشور، 2003، ص332).
والحقيقة فقد دخل عدد كبير من هؤلاء الفرسان المرتزقة بين قوات الدّاوية والاستبارية وفي خدمة بعض أمراء الصّليبيّين. وجرت العديد من محاولات الزّواج بين كبار المسؤولين من المسلمين والإفرنج، حيث كان من الممكن أن يتمّ تزويج أخت ريتشارد ملك الإنكليز أو ابنة أخته من الملك العادل شقيق صلاح الدّين لولا أن البابا عارض ذلك.( حلاق، 1986، ص192).
وقد أخذ الصّليبيّون عن المسلمين عادة لبس الخاتم عند الخطبة أو الزّواج. ولبسوا الملابس الشّرقيّة الواسعة الأكمام والزّاهية الألوان، وأطلقوا لحاهم وجلسوا على السّجاجيد واتخذوا السُبحات للتّسبيح بحمد الله. كما أنّهم أكلوا الأطعمة الشّرقيّة واستعملوا البهارات، واستخدموا في حفلاتهم الرّاقصات وفي أحزانهم، كما استخدموا الآلات الموسيقيّة العربيّة (حلاق، 1986، ص193).
وتشبّهت المرأة الصّليبيّة بالمرأة العربيّة من حيث لباسها وزينتها، فاستخدمت المجوهرات وأدوات المساحيق والزّينة والمرايا الزّجاجيّة كما استعملت النّساء الخمار على غرار النّساء المشرقيّات لكن لم يستخدمنه للعفّة وإنّما لحماية بشرتهن من أشعة الشمس، ولم يكن الرجال أقلّ حظًا من الأخذ من المشرقيّين في اللّباس فقد لبس الرجال العمامة أو التّوربان كما ارتدى الفرسان البرنس الكتّاني لحماية دروعه من أشعة الشّمس والحرارة (رانسيمان، 1994، ج2 ، ص366).
من جهة ثانية فقد ذكر أسامة بن منقذ الكثير من العادات الغربيّة الصّليبيّة فليس عندهم شيء من النّخوة والغيرة. فيمكن للرّجل أن ينتظر زوجته لفراغها من حديث مع رجل غريب في الشّارع وإذا طوّلت عليه تركها مع المتحدث ومضى (ابن منقذ، 2003، ص224).
ويذكر أسامة بن منقذ أن الرجل الصّليبيّ كان إذا دخل على زوجته ورآها مع رجل غريب في الفراش، لن يصل به الأمر إلا لخصامه فقط، وقد استغرب أسامة من الاختلاف الذي فيهم، فليس لديهم أي نخوة أو غيرة ولكن بهم شجاعة كبيرة، وهذه الشّجاعة أكدها أيضاً ابن الأثير( ابن منقذ، 2003، ص225).
على الرّغم من تأثّر الصّليبيّين بالمسلمين إلا أنّهم لم يتخلّوا عن أفكارهم ومعتقداتهم في الانحلال الأخلاقيّ، فقد اكتظت مدينة عكّا في عهد الصّليبيّين ببنات الهوى اللّاتي يجنين أرباحًا كثيرة، حيث وصل إلى عكّا في تلك الفترة مركب يحمل ثلاثمائة امرأة إفرنجيّة من النّساء الحسان وذلك لإسعاد الجنود الفرنج ومساعدتهم على التّرفيه عن أنفسهم( الحنبلي، 1999، ص506)،
حيث كان رجالاً يغتالون نساءهم والزّوجات يسمّمن رجالهن في سبيل عشاقهنّ، فلا غرابة بأن تختصّ عكا ببيع السّموم والعقاقير المسمّمة، وفي هذا الصّدد يُذْكَر أن الجنود الصّليبيين الذين جاءوا في الحملة الثّالثة كانوا يقضون لياليهم في الحانات ( حلاق، 2018، ص195).
ومن الأهميّة بمكان القول إنّ بلاد الشّام اشتهرت بكثرة حمّاماتها العامّة لأنّ ذلك كان مرتبطًا بالعقيدة الإسلاميّة القائمة على الطّهارة والوضوء، فقد قال ابن جبير عن حمّامات دمشق وأسواقها إنّ فيها ما يقارب المائة حمّام ونحو 40 دارًا للوضوء( ابن جبير، د ت، ص261). وقد أورد أسامة بن منقذ حوادث تدل على تأثّر الإفرنج بتقاليد وعادات المسلمين ومنها أنّ بعضهم بدأ يكره أكل لحم الخنزير( ابن منقذ، 2003، ص231).
المبحث الثّاني: التّأثيرات الاجتماعيّة والمعماريّة للحروب الصّليبيّة
من الأمور المشتركة بين الإفرنج والمسلمين رحلات الصّيد الّتي كانوا يقومون بها، كما كانوا يقومون ببعض المباريات الرّياضيّة وسباقات الخيل واللّعب بالرّماح، وكانت عادة تربية واقتناء طائر الباز قد اشتهر في الشّام لأنّ العرب والإفرنج كانوا يحرصون باستمرار على اصطحاب الباز في رحلات الصّيد وهذه الرّحلات أدّت إلى إقامة صداقات بين الحجّاج المسيحيين والإفرنج وبين القائمين في البلاد (عطية، 2010، ص131).
وقد أورد اسامة بن منقذ بعض حوادث من العلاقات الاجتماعيّة والسّلميّة بين الجانبين حيث قال بأنّه إذا طال القتال بين طائفتين أمام عكّا أنِسَ البعض بالبعض، فكانوا يتحدّثون ويتركون القتال وربّما كانوا يرقصون مع بعضهم أي يألف القوم بعضهم بعضاً ( ابن منقذ، 2003، ص231).
وهذه العلاقات السّلميّة والحضاريّة بين الإفرنج والمسلمين، انعكست ايجابًا على العلاقات الإسلاميّة-المسيحيّة في جبل لبنان وفي مختلف المناطق اللّبنانيّة الشّاميّة فقط كان النّصارى يعاملون المسلمين معاملة حسنة (حلّاق، 1986، ص 198).
تحدث ابن جبير عن مشاركة مسلمي صور للنّصارى في أفراحهم واحتفالاتهم حيث عرض لحالة ذلك العرس ولباس المسلمين والصليبيّين في ذلك العرس وحالة التّقارب في العادات في صور (ابن جبير، د ت، ص278).
فبالرغم من العلاقات الاجتماعيّة الّتي كانت قائمة بين الإفرنج والمسلمين، إلّا أن هذه العلاقات كانت تشوبها السّلبيّات في بعض الأحيان لا سيما في فتره التّوتّر والصّراع السّياسيّ والعسكريّ، إذ اضُطِهد المسلمون من قبل الإفرنج وكانوا يتعرّضون للمشقّات والأهوال والذّلّ فكانوا يتعرّضون للسّباب والشّتائم ضدّ نبيّهم. ولكن سرعان ما تتحسّن الأمور فقد استمرّت العلاقات الجيدة في زمن حكم الأسرة الأيّوبيّة حيث اتّصفت معاملة صلاح الدّين الأيّوبيّ للفرنج بالمعاملة الجيّدة وبالتّسامح والكرم كما عامل أسرى الحرب النّصارى معاملة حسنة (حلاق، 1986، ص 202).
ومن جملة الأمور الاجتماعيّة الّتي تأثّر الصّليبيّون بها بالمسلمين، هي مسالة النّظافة، والاستحمام، فالمسلم يتوضّأ خمس مرّات في اليوم واللّيلة، فقد أخذ الصليبيّون عنهم هذا الأمر واضبوا يعتنون بأجسامهم ونظافتها، وذلك بعد ما لقوه من قيام المسلمين بهذا الأمر، على عكس أوروبا ما قبل الحروب الصّليبيّة، كان هناك نوع من تخييم رأي الكنيسة في كلّ نواحي الحياة بما فيها النظافة( هونكة، 1993، ص54).
شهدت بلاد الشّام مؤثّرات وعلاقات متبادلة بين المسيحيّين والمسلمين وبين الحضارتين الغربيّة والشّرقيّة. وأمّا عن العلاقات الاجتماعيّة في العهد الصّليبي فقد كانت خليطا من الأجناس والقوميّات واللّغات والأديان وبدأت هذه الجماعات تنسجم وتتأثّر ببعضها البعض الآخر( حلّاق، 1986، ص204)
وهذا الخليط من الاجناس والسّكّان خلق نوعًا من عدم الانسجام التّام بين طبقات المجتمع من السّكّان في السّواحل الشّاميّة الّتي حوت على الامارات الصّليبيّة، والجدير بالذّكر أنّ هناك العديد من الصّليبيّين ممّن وصلوا مع الحملة الأولى لم يستقّروا في المشرق وإنّما عادوا إلى بلادهم، وقد ضمّت سكان الإمارات الصّليبيّة من المسيحيّين المشرقيّين و الّذين قدموا مع الحملات الصّليبيّة وأسّسوا الإمارات والمملكة. ومن أبرز هذه الطّبقات: طبقة النّبلاء والفرسان الّتي أفرزت لنا عناصر الحكّام في القدس وانطاكية والرّها وطرابلس، وهذه الطّبقة هي عماد الصّليبيّين في الشّرق، طبقة المحاربين من الصّليبيّين هم غير النبلاء والفرسان. ثمّ هناك طبقة برجوازيّة من المدن الأوروبيّة وهم من التّجار وغيرهم.
بالإضافة، بطبيعة الحال، إلى العنصر العربيّ غير المسلم من مسيحيّي الشّرق. وفي الحديث عن الجانب الاجتماعيّ فقد استقلت كلّ فئة من هؤلاء لوحدها في السّلم الاجتماعيّ، فلم يحدث انصهار في المجتمع بسبب عدم التّزاوج بين فئة وأخرى وخاصّة فيما يتعلق بطبقة النّبلاء، أما المحاربون من الصليبيين فقد تزوّجوا من مسيحيّات المشرق وانجبوا جيل عُرِف بالأفراخ، وتعتبر هذه الطّبقة هي الجيل الثّاني من المحاربين الصّليبيّين، طبقة المسيحيّين المحليّين من موارنة وكاثوليك وغيرهم من المسلمين وهم السّكان الأصليّون للمنطقة و كذلك طبقة العبيد والأقنان (عاشور، 2003، ص330).
ومن جوانب تأثّر الصّليبيّين بالمسلمين ما حصل عليه لويس التّاسع من معارف وجوانب إداريّة جعلته يعيد النّظر في بناء دولته، حيث قام بإصلاحات في ما يتعلّق بالدّستور الّذي يحكم فرنسا واستقى تحديثاته مما رآه في مصر في أثناء الحملة الصّليبيّة السّابعة، ولم يكن لويس التّاسع هو الوحيد الّذي أخذ وتأثّر بالمسلمين فقد تأثّر كل من ملك صقّلية وكذلك امبراطور إلمانيا، والذي يعد أكثر ملوك أوروبا تأثّرًا بالحضارة الإسلاميّة ومردها إلى الحروب الصّليبيّة الّتي أثّرت بشكلٍ كبير على الإدارة السّياسيّة في أوروبا وحدّثتها( المطوي، 1982، ص162).
أمّا عن الجانب المعماريّ فقد تحدّث الرّحالة عن بلاد الشّام اشاروا إلى وجود المنشآت المعماريّة من حصون وقلاع ومساجد وحمّامات وخانات وشوارع منتظمة، وذلك قبل قيام الحروب الصّليبيّة أو في أثنائها أو بعدها، فقد وصف أحدهم حمص بقوله حمص ليست بالشّام بلد أكبر منها ففيها قلعة متعالية عن البلد تُرى من خارج المدينة(حلّاق، 1986، ص243).
وأشار الرّحالة ابن جبير المعاصر الحروب الصّليبيّة إلى المظاهر العمرانيّة في بلاد الشّام، وممّا قاله على سبيل المثال عن عمران مدينة حمص فيها قلعة منيعة، وإنّ سور هذه المدينة في غاية العتاقة ودقّة بنائه، فقد تمّ بناؤه بحجارة الصُّم السّود، وأبوابها من الحديد هائلة المنظر، ثم تحدث عن عمائر دمشق ومدارسها ومارستاناتها فهذه المارستانات مفخرة عظيمة من مفاخر الإسلام، وأمّا الرّبطات الّتي يسمّونها الخوانق، فكثيرة وهي برسم الصّوفية وهي قصور مزخرفة ( ابن جبير، 1959، ص231-256).
الحقيقة أول ما احتاجه الصّليبيّون من العمائر كانت القلاع والحصون، ولعبت مدّة وجودهم الطّويلة دورًا مهماً في إكسابهم خبرة معماريّة ذات طابع عسكريّ، وذلك من خلال قيامهم بترميم قلاعهم وتحسينها وتحصينها، كان ما يتعلّق منها بأسباب الدّفاع عن أنفسهم فكان لا بدّ من الاهتمام بالقلاع وأسوار المدن للحراسة واستخدامها كمراكز إداريّة عسكريّة – مدنية بحيث نقل هؤلاء الفنون المعماريّة العربيّة إلى الغرب الأوروبيّ، ولكن مع مراعاة طبيعة المناخ بما يتواءم والمنطقة، فخفّفوا من المساحات المكشوفة (حلّاق، 2007، ص338).
ولمّا جاء الصليبيّون إلى بلاد الشّام وأقاموا ممالك لهم فيها كان من الطّبيعي تأثّرهم بالفنّ المعماريّ الإسلاميّ، فاتّخذوا في بناء بيوتهم وقصور الأمراء والملوك منهم التّراث العربيّ تحيط بها الغرف والقاعات وتتوسّطها النّافورة وينطلق الماء من النّافورة عالياً، كما تأثّر الإفرنج بفنون الزخرفة المنزليّة فقاموا بتصفيح الجدران والسّقوف والرّخام والفسيفساء وتمويهها بالذّهب والألوان المعدنيّة الأخرى كما كانت الزّخرفة تغطّي الجدران على شكل توريقات وتكوينات هندسيّة (حلّاق، 1986، ص 244).
تأثّر الصّليبيّون بالعمارة في المشرق من خلال أنماط بناء القلاع والحصون، واتّخاذ جدران مضاعفة بدل جدار واحد للقلعة وكذلك الأبواب المنحرفة كنوع من التّحصينات الدّفاعيّة الطّبيعيّة، وكذلك الكنائس أخذت من كنائس الشّرق الأبراج المستديرة، والّذي يدرس تاريخ الحروب الصليبية يرى بأن أوروبا تأثّرت بالجانب الماديّ أكثر منه في الجانب الحضاريّ والعلميّ، مردّ ذلك إلى سطحية الثّقافة الأوروبيّة في تلك الفترة نتيجة حكم الكنيسة(المطوي، 1982، ص165).
ومن الناحية الحربية استعمل المسلمون أدوات تعرّفوا عليها من خلال احتكاكهم بالغرب منها الأدوات الحربيّة من منجنيقات وسلالم وجسور وغيرها( المطوي 1982، ص167)
ثمّ اتّخذ الافرنج بيوتهم وقصورهم من الأثاث ما يتلاءم معها ومع الرّوح الشّرقيّة العربيّة فافترشوا الطّنافس والسّجاد وزيّنوا منازلهم بالرّيش الفاخر والأواني النّحاسيّة، والحقيقة فإنّ أوّل ما احتاجه الصّليبيّون من العمائر كان ما يتعلّق منها بأسباب الدّفاع عن أنفسهم فكان لا بدّ من الاهتمام بالقلاع وأسوار المدن للحراسة واستخدامها عسكريّاً ومدنيّاً، ثم قاموا بإصلاح بعض العمائر مثل الأسوار في بيت المقدس وبناء قلاع طبريّة وتبنين، ولها مميّزات كثيرة يمكن الأخذ بها من خلال الأنظمة المعماريّة في المساجد والقصور والمساكن والحصون والأسوار والمدارس (حلّاق، 1986، ص245).
من أبرز جوانب التّأثير المشرقيّ على الصّليبيّين هو انتقال الفنون الشّرقية إلى أوروبا، وخاصّة عبر التّواصل المستمر بين الصّليبيّين والمناطق الإسلاميّة. فقد أثّرت الزّخارف الإسلاميّة، مثل الأرابيسك (arabesque) والتّصميمات الهندسيّة، في تطور الفنّ القوطي الأوروبيّ. وكانت الأقمشة الشّرقيّة الفاخرة، مثل الحرير والمطرّزات اليدويّة، قد جذبت انتباه النّبلاء الأوروبيين وظهرت في الملابس الأوروبيّة الفاخرة.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤثّرات المعماريّة الاسلاميّة انعكست على الحصون والقلاع والمباني الصّليبيّة ومن العناصر المعماريّة التي اقتبسها الصّليبيّون من الشّرق هي عنصر زخرفيّ متّصل بالعقد المنفوخ والشّرفات البارزة وهي من المؤثّرات الإسلاميّة المعماريّة (حلاق، 1986، ص 246)، مدخل هذه المرافق المتعدّدة المتمثّلة بالمنحنيات والمنعطفات وهدفها توفير امكانيّات الدّفاع والتّحكّم في العدو المهاجم من باب الحصن عبر هذه الممرّات الضّيقة الطّويلة( عطية، د ت، ص229).
وتعتبر المقرنصات[3] وهو أسلوب من أساليب النّظام المعماريّ الإسلاميّ المقتبس من العمارة الإسلاميّة في الأندلس، وكانت أول قبة إسلاميّة قائمة على مقرنصات معقودة هي قبّة المحراب في المسجد الجامع بالقيروان. أمّا المتراس[4] فقد تأثّر الصّليبيّون بهذا النّظام المعماريّ الإسلاميّ. البريقان[5] وقد تأثّر الصّليبيّون بهذا النّظام فطبّقوه على قلاعهم في بلاد الشّام، كما نقلوه معهم إلى أوروبا (عطيّة، د ت، ص230).
ويلاحظ استمرار بعض الملامح العمرانيّة في زمن ابن بطوطة أي بعد انتهاء الحملات الصّليبيّة وانتهاء الاحتلال الصّليبيّ في بلاد الشّام، بينما دمّر أو خرّب البعض الآخر علمًا بأن بعض التّطورات العمرانيّة تبعاً لتطوّر الظّروف العسكريّة والسّياسيّة وتبعًا للمقتضيات السّكّانيّة (حلّاق، 1986، ص250).
كذلك فكرة حفر الخنادق حول القلاع، من أبرز القلاع الّتي تحاط بالخنادق هي قلعة حلب، حيث كان يملأ هذا الخندق بالماء، ويوجد مكان واحد للدّخول وهو برج البربقان (حلّاق، 2020، ص235).
ويمكن القول بأنّ هناك العديد من النّتائج على المستويات كافّة أثّرت على المنطقة وأبرز هذه النّتائج:
في الجانب السّياسيّ والاجتماعيّ
- انهيار النّظام الإقطاعيّ في أوروبا وجعل الملكيّة حرّة وسهّلت الانتقال وأضعفت قوّة الألقاب.
- ظهور عدد من المستعمرات مثل مملكة بيت المقدس ومملكة قبرص والإمبراطوريّة اللّاتينيّة في القسطنطينيّة.
- ظهور عدد من القوى والهيئات الدّينيّة والعسكريّة مثل الإستباريّة والدّاوية وفرسان التّيوتون( رانسيمان، 1994، ج1، ص157).
في الجانب الحضاريّ والاجتماعيّ:
- الاتّساع في التّفكير والعمق العقليّ والمعرفة والخبرة الجديدة.
- بروز مادّة جديدة للتّفكير العلميّ والخيال الشّاعريّ.
- بروز علم الجغرافيا والكتابة التّاريخية على نسق جديد.
- التأثّر بالعلوم الجديدة مثل الجبر والرّياضيات واللّغات الشّرقيّة وإزدهار الحركة الشّعريّة.
خاتمة
امتدّت التّأثيرات المشرقيّة لتشمل العادات والتّقاليد، حيث تبنّى الصّليبيّون بعض جوانب الحياة الشّرقيّة مثل تناول الطّعام، الممارسات الطبيّة، والعادات الاجتماعيّة. أدّى هذا التّفاعل إلى تغيير بعض الممارسات الأوروبيّة وزيادة الانفتاح الثّقافي بين الشّرق والغرب.
تعدّدت العوامل الّتي فرضت إقامة علاقات اقتصاديّة بين المسلمين والفرنج في بلاد الشّام، حيث كانت هذه العلاقات نتيجة حتميّة للتّفاعل بين الطّرفين وللظروف المحيطة بهما. وتنوّعت هذه العوامل بين ما هو مرتبط بالحاجات الاقتصادية لكلّ من المسلمين والفرنج، وما يتعلق بطبيعة العلاقات السّياسية والاجتماعيّة الّتي تطوّرت بينهما، بالإضافة إلى ما يخصّ طبيعة بلاد الشّام نفسها ومدنها المختلفة (ألف اختراع واختراع، 2016، ص 126).
المصادر
- ابن جبير(1959) رحلة ابن جبير، بيروت: دار صادر.
- ابن منقذ، أسامة( 2003) الاعتبار، دقّقه عبد الكريم الأشتر، ط2، بيروت: المكتب الإسلاميّ.
- حلّاق، حسّان(1986) العلاقات الحضاريّة بين الشّرق والغرب في العصور الوسطى الأندلس، صقلية، الشام، بيروت: الدار الجامعية.
- حلّاق، حسّان(2007) تاريخ العلوم والتّكنولوجيا عند العرب، بيروت: دار النّهضة العربيّة.
- الحلّاق، علي( 2018) التّفاعل الحضاريّ بين الشّرق والغرب في العصور الوسطى، بيروت: دار العلوم العربيّة.
- الذهبيّ، (1985) سير أعلام النّبلاء، تحقيق: مجموعة من المحقّقين، بيروت: دار صادر.
- رانسيمان، ستيفن( 1994) تاريخ الحملات الصّليبيّة من كليرمونت إلى أورشليم، ترجمة نور الدّين خليل، ط2، القاهرة: الهيئة العامّة المصريّة للكتاب.
- سرور، محمد جمال الدّين( 1995) تاريخ الدّولة الفاطميّة، القاهرة: دار الفكر العربيّ.
- عاشور، سعيد( 2003) تاريخ العلاقات بين الشّرق والغرب، بيروت: دار النّهضة العربيّة.
- عطيّة، عزيز سوريال( د.ت) الحروب الصّليبيّة وتأثيرها على العلاقات بين الشّرق والغرب، ترجمة: فيليب سيف، بيروت: دار الثّقافة.
- عطيّة، علي سعود( 2010) تاريخ الحروب الصّليبية، القاهرة: الشّركة العربيّة المتّحدة للتّسويق والتّوريدات.
- كرد علي، محمد( 2017) خطط الشّام، دمشق: المطبعة الحديثة.
- المقريزيّ، تقي الدّين( د.ت) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزيّة، بيروت: دار صادر.
- النّقّاش، زكي( 1958) العلاقات الاجتماعيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة بين العرب والفرنج خلال الحروب الصّليبية، بيروت: دار الكتاب اللّبنانيّ.
- هونكه، زيغريد( 1993) شمس العرب تسطع على الغرب، بيروت.
- المطويّ، محمد العروسيّ( 1982) الحروب الصليبيّة في المشرق والمغرب، بيروت: دار الغرب الإسلاميّ.
[1] طالبة دكتوراه في جامعة بيروت العربيّة -كليّة العلوم الإنسانيّة
[2] هارون الرشيد: وهو أشهر خلفاء بني العبّاس ولد في مدينة الرّي (خرسان) سنة 148ه/ 766م وأمه خيزران أم ولد( كانت جارية) وتولى الخلافة بين عامي 170ه/786م إلى عام 193ه/809م وهو خامس الخلفاء العباسيين وخلفه بعده ابناؤه الأمين والمأمون والمعتصم على التّوالي. ينظر: (الذّهبي، 1985، ج9، ص287).
[3] المقرنصات: وهي نمط معماريّ إسلاميّ على شكل نصف قبّة مزخرفة من الدّاخل ويستخدم بكثرة في المساجد والقلاع على وجه الخصوص.
[4] المتراس: وهو عبارة عن إطار من الحديد مدبب الاطراف من أسفله وهو ينطلق عموديا في جانبي باب الحصن
[5] البربقان: وهي كلمة عربية فارسية الأصل تطلق على البرج الكبير الذي يبنى على مسافة من باب الحصن (حلّاق، 2014، ص234).
عدد الزوار:561