مظاهر النّهضة العلميّة في مصر في العصر الفاطميّ بين عامي 969 – 1172م

مظاهر النّهضة العلميّة في مصر في العصر الفاطميّ بين عامي 969 – 1172م
Manifestations of The he Scientific Renaissance in Egypt in The Fatimids (358-567 AH / 969-1172 AD)
فرج صالح الحمدو الهلال
Faraj Saleh Al-Hamdo Al-Helal
أ.د داوود قندولي مشرفًا رئيسًا أ.د محمد علي القوزي مشرفًا مشاركًا
تاريخ الاستلام 1/12/2024 تاريخ القبول 23/12/2024
الملخص
أعطى الفاطميّون اهتمامًا كبيرًا للعلوم النظرية وخاصةً ما يتعلق باللّغة العربيّة وكذلك العلوم العقليّة التّطبيقيّة وبما يتعلق بالطّب والهندسة والرّياضيّات والفلسفة والفلك والكيمياء والنبات. جاءت الأهمية من قبل الخلفاء الفاطميّين الذين مهّدوا لنواة الثّورة العلميّة في مصر الفاطميّة.
Abstract
The Fatimids paid great attention to theoretical sciences, especially those related to the Arabic language, as well as applied rational sciences, such as medicine, engineering, mathematics, philosophy, astronomy, chemistry, and botany, which the Fatimid caliphs gave great importance to, and which were the nucleus of the scientific revolution in Fatimid Egypt.
الإشكاليّة
تتمحور الإشكاليّة حول معرفة انتشار العلوم العقليّة والتّطبيقيّة في الدولة الفاطميّة في مصر. وهل كان هناك سبب طائفيّ أو ديني لهذه الثّورة العلميّة؟
الفرضيات
1_ ليس هناك من سبب معين لهذه الثّورة العلميّة في مصر.
2_ كان هناك دور كبير لبعض الخلفاء الفاطميّين في النّهضة العلميّة.
منهج الدراسة: المنهج التّاريخيّ الاستقرائيّ التّحليليّ.
تقسيم البحث: تم تقسيم البحث إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة.
المقدمة
ازدهرت حركة التّأليف والتّدوين والكتابة في أواخر القرن الثّاني الهجريّ/ الثامن الميلاديّ وما بعده، حيث حفل العالم العربي الإسلاميّ بالعلماء والمؤلفين الذين يكتبون ويؤلفون وينقلون، كثرت الكتب والمصنفات وكان من أسباب ذلك ازدهار صناعة الورق في بغداد، وظهور فئة جديدة تعرف بطبقة الوراقين التي ينتمي إليها الكثير من العلماء أمثال الجاحظ (159 – 255ه/ 776 – 868م)، وابن النديم (ت 385ه/ 995م)، وياقوت الحموي (ت 626ه/ 1228م) وغيرهم. ولم تكن حوانيت الوراقة وأسواقها مجرد دُور للنّسخ وإنما كانت أماكن تجمع العلماء والأدباء والمثقفين ومراكز حقيقية للنشاط الفكري في شتى فروع المعرفة. وتبعًا لذلك اتسعت الحياة العلميّة وازداد الإقبال على الكتب واقتناؤها وتكوين المكتبات. وقد شرع أولو الأمر في تكوين المكتبات كمكتبة بيت الحكمة التي أنشأها هارون الرشيد (170ه/ 786م) وغيرها.
وكان لمصر دور عظيم في نشأة الحضارة الإنسانيّة وتقدّم العلم وقد ظلّت ترعاه وقتًا طويلًا، ففي أواسط القرن الثّاني الهجريّ / الثامن الميلادي أصبح لعلمائها حظ واضح من المساهمة في الدّراسات الدّينيّة ونشرها في العالم العربي وكتبت تاريخ الفتوح لافريقيا والأندلس، وكتبت السيرة النبوية الشريفة ويضع أحد أبنائها وهو ذو النون (179 – 245ه/ 798 – 859م) أسس التصوف الإسلاميّ وتزداد حركتها العلميّة نشاطًا في عصر الفاطميّين، لم تكن الدولة الفاطميّة بعيدة عن التأثير الحضاري والفكري هذا، فبعد أن أسّست دولة لها في مصر (358-567ه/ 969-1172م) ووطدت دعائم حكمها، بدأت نشاطها العلميّ، ووجدت في مصر أرضا خصبة وبيئة حاضنة مُتحضرة قادرة على التطور واستقبال كل ما هو جديد. فبدأ جوهر الصقلي بتأسيس المدينة العظيمة وهي القاهرة التي أنجبت كبار العلماء والمؤرخين لترفع لواء الفكر والحضارة، ثم أقام جوهر الجامع الأزهر ليغدو من أشهر الجامعات في العالم ومنارة لآلاف الدارسين من مختلف العالم العربي الإسلاميّ.
وأخذ الخلفاء الفاطميّون ابتداءً من الخليفة المعز لدين الله برسم الخطوط الأولى لحركة العلم والفكر والتأليف وانطلقت أقلام المؤرخين تكتب وتصنف في مختلف أنواع العلوم والمعارف، واتجه آلاف من أرباب العلم والفكر إلى القاهرة، يساهمون في إرساء قواعد الحضارة والعلم.
المبحث الاول
- علوم اللّغة العربيّة: وجه الفاطميّون اهتمامًا ملحوظًا وعناية خاصة بعلوم اللّغة العربيّة فقد كان الخليفة العزيز بالله يجمع علماء اللّغة والأدب للمناظرة بين يديه، وقد شجع علماء مصر على الإكثار من التأليف وإنتاج الكتب في مختلف العلوم والفنون (عارف تامر، ج5، ص62).
أ-علوم اللّغة والنّحو: ازدهرت في مصر دراسات عربيّة في علوم اللّغة والنّحو ورواية الأدب القديم وشرحه ونقده، وكانت هذه العلوم تسير جنبًا إلى جنب مع غيرها من الدّراسات التي أقبل عليها العلماء والمتعلّمون في مصر، ولم تكن هذه الدّراسات جديدة على مصر، فقد نشطت بوقت مُبكر نتيجة العناية بضبط القرآن الكريم وقراءاته (ضيف شوقي): 1968م، ص327). ومن الواضح أن الدولة الفاطميّة أولت العناية باللّغة العربيّة حيث اهتمت بدواوين الإنشاء، إذ كانت تعمد على تعيين المراقب عليها وموافقته على ما فيها. ويروى أن المشتغلين بالنّحو في مصر والشام في هذا العصر كانوا قليلي العدد (الطنطاوي (احمد): ص212-213).
ومن أشهر العلماء الذين ظهروا في هذا العصر:
–أبو عبدالله محمد بن جعفر التميمي المعروف بالقزاز النّحوي: كان في خدمة العزيز بالله الفاطميّ، ويقال إن العزيز تقدم إليه بطلب تأليف كتاب يجمع فيه سائر الحروف التي أشار إليها النّحويون في قولهم (إن الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى)، وأن يقصد في تأليفه إلى ذكر الحرف الذي جاء لمعنى، وأن يجري ما ألفه في ذلك على حروف المعجم، وهو لون جديد لم يسبق إليه أحد من النّحاة، فقام القزاز بجمع مواد هذا الكتاب سماه “الجامع في اللّغة” (المقريزي (احمد بن علي): 1987م، ص418)، فبلغ جلّ ما جمعه ألف ورقة، وذكر ذلك كله الأمير المختار المعروف بالمسبحي.
–علي بن أحمد المهلبيّ: كان إمامًا في النّحو واللّغة، ورواية الأخبار وتفسير الشّعر، وكان من جلساء المُعز والعزيز المقرب إليهما (السيوطي، ج2، ص147)، وكان قبل ذلك مُقربًا من كافور الإخشيدي (335 – 358ه/ 946 – 968م)، وممن عاصر المتنبي (303 – 354ه/ 915 – 965م) في مصر، وكانت بينه وبين المتنبي بعض المناورات العلميّة، وله كتاب في الرد على كتاب المقصود والممدود لابن ولاد المصريّ، وقيل إنّ المهلبي أخذ مادة هذا الكتاب عن المتنبي ونسبها إلى نفسه، ومن أشهر تلاميذه: أبو يعقوب يوسف النجيرمي، وابنه بهزاد، وعبدالرحمن بن اسماعيل العروضي نزيل مصر وغيرهم (الحموي (ياقوت): 1993م، ج4، ص1645).
–أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ: الذي عُد إمام عصره في النّحو، ومن أبرز العلماء المصريّين الذين خدموا اللّغة والنّحو حتى كوّنوا تراثًا علميًا ونحويًا جليلًا (ابن بابشاذ: 1978م، ج1، ص17).
–علي بن جعفر بن علي السعدي: المعروف بابن القطاع الصقلي، لم يكن مصريًا ولكنّه من صقلية، شبّ فيها، وتتلمذ على يد علمائها، ثم رحل إلى مصر لمّا دخل الفرنج إلى صقلية، واتخذ مصر وطنًا له، ولقيه المصريّون بالحفاوة، وبالغوا في إكرامه، وخصّه الوزير الأفضل بن بدر الجمالي بالرعاية وجعله مؤدبا لولده في علوم اللّغة العربيّة وفنون الأدب.
–أبو الحسن علي بن ابراهيم الحوفي: كان عالمًا بالعربيّة وتفسير القرآن الكريم، وله تفسير جيد، أخذ عنه الكثير من العلماء وانتفعوا به وأصله من بلبيس (بلبيس: ج1، ص153 – 154).
ب-الشّعر والشّعراء: يعدّ الشّعر في العصر الفاطميّ في مصر أول شعر مصري قيّم في عهد فتح العرب لمصر، إذ كان قبل ذلك ليس له من قيمة إلا للوافدين على مصر من الخارج، أما شعر المصريّين أنفسهم فكان محاولات أولية، حتى إذا جاء الفاطميّون جاء الشّعر وجاد، ويرجع ذلك إلى عدّة أمور:
الأول: انشغال المسلمين بالفتوحات في مصر وغيرها، فلما استقرت الأمور وبدأ الشّعر ينهض، تولى الحكم أتراك مثل الطولونيين والاخشيدين، وليس لهم من الذوق العربي الراقي ما يستسيغون به الشّعر، والشّعر العربي بطبيعة موضوعاته التي كانت من مديح ونحوه لم يكن يزهر إلا على باب قصور الخلفاء والأمراء فإن تذوقوه وشجعوه لما ازدهر، ولا ضعف وانحدر، فلما جاء الفاطميّون – وهم عرب لهم الذوق العربي والثقافة العربيّة، وخاصة في أول عهدهم، إذ كان فيهم أيضا الذّوق البدويّ – نما الشّعر على بابهم، ولما جاءوا مصر جاءوا بذوقهم وشعرائهم.
أما الثّاني: الدولة الفاطميّة كان أساسها الدّعوة والدّسصعاية بأوسع ما تدل عليه هذه الكلمة، فرأت أن الشّعراء هم من أصلح الدعاة لمذهبهم، فاحتضن الخلفاء الفاطميّون ووزراؤهم وأمراؤهم الشّعراء يزودونهم بالمال الكثير، والعطاء الوفير، ليطلقوا ألسنتهم بالقول في مدحهم ومدح مذهبهم (امين، ج1، ص213-214).
ج- الأدب والأدباء: الأدب الفاطميّ مثل بشتى صوره الّنثريّة والشّعريّة صورة للحياة السّياسيّة والاجتماعيّة والفكرية والفنية، فهو يعطي صورة واضحة للأحداث: في السّياسة والملك والحرب والسلم والصراع على السلطة والخلافة، والعادات والتّقاليد، نمط المعيشة، الطّبقات الاجتماعيّة، والتّيارات والمذاهب الدّينيّة. ولهذا فقد تنوّعت أساليب الأدب وأشكاله. وتنوّعت بيئات الأدب في بلاد الدّولة الفاطميّة من المغرب إلى المشرق، وكانت أهم بيئاته وأكثرها عطاء ونشاطًا القاهرة، والقيروان وافريقيّة والشّام وبخاصة في عواصمها دمشق وحلب، والجزيرة والموصل، والحجاز، واليمن. وكانت حاضرة الدولة في المغرب القيروان وما يتصل بها من المدن التي انشأها الفاطميّون كالمهدية والمنصورية مركز النشاط الأدبي والفكري في الدولة، ثم انتقل هذا المركز إلى القاهرة بعد تأسيسها وانتقال الخلافة إليها. وظلت القيروان مركزا ثقافيا مهما تتبادل مع القاهرة مختلف جوانب النشاط الفكري (سلام، ج1، ص232).
- العلوم الدّينيّة
أ-علوم القرآن الكريم: من المعروف أن العلوم العربيّة والإسلاميّة إنما نشأت بسبب القرآن الكريم، وما يدور حول دراسة القرآن من ضبط حروفه، وتفسير غريبه، ومعرفة أسرار إعجازه وتفهم معانيه، فعلم النّحو وعلوم اللّغة لم تنشأ إلا بسبب القرآن الكريم، وهذه العلوم التي كانت تدور حول دراسة القرآن كانت موضع اهتمام المسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلاميّ ومنها مصر، فقد عرفت مصر هذه العلوم منذ دخلها المسلمون، واستمرت هذه الدّراسات تنمو وتزدهر حتى جاء الفاطميّون فأولوا هذه الدّراسات عنايتهم ورعايتهم (حسين، ص125). ومع أن القرآن الكريم مصدر الإسلام الأول لا يشير بصورة مباشرة أو غير مباشرة للإمامة الفاطميّة، فإن العقيدة الفاطميّة لجأت إلى تفسير القرآن الكريم، أوّل بمعنى آخر إلى المعنى الباطني (التأويل فإن الفقه المؤيد في الدّين الشيرازي يرى أنه يجب أن يرجع التأويل في القرآن، ويضيف إلى ذلك أن سلالة علي كرم الله وجهه، خلفاء الرسول الكريم يملكون وحدهم هذا التأويل، فقد قال الرسول الكريم: (صاحب التنزيل وعلي صاحب التأويل)، فكان القرآن الكريم إذا بالنّسبة للدعوة معينًا لا ينضب فكل كلمة لها معنى واضح، ولها أيضا معنى باطن، ودلالة مقصودة. و المعنى الباطن ظهر عند فرق أخرى، مثل فرقة اخوان الصفاء، فإن الفاطميّين أعطوه مظهرًا فلسفيًا، وكيفوه وفق أغراضهم السّياسيّة. فعند الشيعة كان تفسير المعنى الباطن للنصوص القرآنية أشبه بمعجزة الإمام، فينسب الشيعة إلى الأئمة القدرة على إظهار المعنى الصحيح، فكان الأئمة دون سائر الناس لهم سلطة تفسير النصوص القرآنية بسبب معارفهم الخاصة التي يتوارثونها في كتب أجدادهم، فالإمامة ضرورية لمعرفة مبادئ الدّين الصحيحة (ماجد، ج1، ص179).
وروي أنه في كل الحفلات التي كان يقيمها الفاطميّون كان القراء في مقدمة الحاضرين يقرأون بين يدي الإمام، وكان كل قارئ يحاول أن ينال القُربى من الإمام ليفوز بأكبر قسط من العطاء، وكذلك تختتم الحفلات بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، فكان هناك قراء الحضرة الإمامية، وهم أشبه بالموظفين الرسميين في الدولة، ولهم رواتب شهرية إضافة للهبات والهدايا، وكان عدد العلماء الذين اهتموا بهذه الدّراسات كبيرًا جدًا، كما كثرت كتبهم التي وضعوها في علوم القرآن الكريم (حسين، ص125). ظلّ القرآن الكريم منبع كثير من العلوم التي اشتغل بها المسلمون في هذا العصر فاستعان به علماء النّحو على استنباط قواعد اللّغة العربيّة كما اعتمد الفقهاء في أحكامهم الفقهية على القرآن وألفوا كتبًا كثيرة اسموها “أحكام القرآن” واستعانت الفرق الإسلاميّة بكتاب الله عز وجل واتخذوه أساسًا للتدليل على صحة ما ذهبوا إليه.
أما علم القراءات، فهو يبحث في صور نظم كلام الله تعالى من حيث وجوه الاختلافات المتواترة، وهو يعتمد على العلوم العربيّة التي تعين على تحصيل هذه الكلمة، وفائدة ذلك صون كلام الله تعالى من التغيير والتحريف، وقد يبحث أيضًا في الاختلافات غير المتواترة فما وصل إلى حد الشهرة (عطاالله، ص294).
نذكر من أهم علماء العصر الفاطميّ:
–أبو الحسن علي بن ابراهيم بن يعد الحوفي: كان عالمًا بالعربيّة وتفسير القرآن الكريم، وتصدر لدراسة اللّغة العربيّة وإعراب القرآن وتفسيره، وله تفسير اسمه “البرهان في تفسير القرآن” في ثلاثين مجلدًا، وله في إعراب القرآن كتاب “علوم القرآن” في عشرة مجلدات، وصنّف في النّحو كتاب “الموضح في النّحو”، وهو أستاذ اسماعيل بن خلف الصقلي المقرئ صاحب كتاب “إعراب القراءات” توفاه الله سنة (430ه/ 1038م) (ابن خلكان، ج3، ص300).
–طاهر بن غلبون: هو طاهر بن الإمام أبي الطيب عبدالمنعم بن عبدالله بن غلبون أبو الحسن الحلبي، ثم المصريّ المقرئ، أخذ القراءات عن والده، وبرع في الفن، يعدّ من كبار المقرئين في عصره بالديار المصريّة، توفى سنة (399ه/ 1008م) (الذهبي، 1995، ج2، ص698)، أهم مؤلفاته كتاب “التذكرة في القراءات الثمان” (ابن غلبون، ج1، ص1).
–عبدالجبار بن أحمد الطرسوسي: كان شيخ القراء بمصر في زمانه، وله كتاب “المجتبى في القراءات”، توفى سنة (420ه/ 1029م) (الذهبي، 1997م، ج2، ص582).
–عبدالعزيز بن علي بن محمد بن اسحاق: أبو عدي المصريّ، المعروف بابن الإمام، مسند القراء في زمانه قرأ على أبي بكر بن عبدالله بن مالك، وقرأ عليه عدد من العلماء.
ب-رواية الحديث: لما عمل المسلمون في تفهم معاني القرآن الكريم وتفسيره كان في جملة ما افتقروا إليه في تفهمها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما عبروا عنه بالأحاديث النبوية، وأقدم من سمعها الصحابة وحفظوها، فقد استعانوا بالأحاديث النبوية في تفسير ما يصعب عليهم من آيات. فلما كانت الفتوح تفرق الصحابة في الأرض، وعند كل منهم بعض الأحاديث، وقد يتفرد بعضهم بأحاديث لم يسمعها سواه، فأصبح طالب الحديث، إذا كان من أهل دمشق مثلا لا يستوفيه إلا إذا رحل في طلبه إلى مكة والمدينة والبصرة والكوفة والري ومصر وغيرهما وهكذا، وهذا ما يعبرون عنه بالرحلة لطلب العلم، على أن الارتحال في طلب العلم لم يكن حديث العهد في الإسلام، ولكنه كان شائعًا من قديم الزمان بالنظر إلى قلة أسباب النشر وقلة نسخ الكتب وصعوبة وصولها إلى النّواحي في تلك العصور، ثم حرص الناس على السماع من الشيوخ مباشرة.
ج- الفقه: نشطت الحركة الدّينيّة في العصر الفاطميّ في مصر والشام نشاطًا كبيرًا، أراد الفاطميّون نشر المذهب الشيعي بين المصريّين والشاميين الذين تمسكوا بمذهب أهل السنة، وحرص المصريّون على البقاء على سُنيتهم، وقد كتب لهم القائد جوهر بأمر من المعز لدين الله كتابًا يتضمن التزام حرية العقيدة، فلا يجبرون على التشيع ولكن لما دخل الجيش الفاطميّ مصر وانتقل المعز إلى القاهرة لم يعمل بهذا العهد، وسعى الفاطميّون إلى تشييع المصريّين (أمين، ج1، ص200-201)، واتبعت الخلافة الفاطميّة لذلك عدة وسائل منها:
–اسناد المناصب العليا وخاصة القضاء إلى الشيعة.
–اتخاذ المساجد الكبيرة مراكز للدعاية الفاطميّة وهي وقتذاك مسجد عمرو بن العاص، ومسجد أحمد بن طولون، والجامع الازهر (سرور، ص76).
–اهتمامهم بتعيين أحد كبار المتفقهين في مذهب الشيعة للقيام بنشر دعوتهم، وكان يعرف بداعي الدعاة، وكانت منزلة هذا الداعي الكبير تلي قاضي القضاة ويعاونه اثنا عشر نقيبًا ونواب في سائر البلاد، واشترطوا فيه أن يكون عالمًا بمذهب آل البيت وكثيرًا ما تقلد رجل واحد منصبي قاضي القضاة والدعوة (المقريزي، ج1، ص391).
–أظهر الفاطميّون شعائر مخالفة لشعائر أهل السنة، كالأذان بحي على خير العمل والاحتفال باليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذي استشهد فيه الحسين عليه السلام بكربلاء، وعيد الغدير المعروف “بغدير خم” (المقريزي، ج2، ص341)، كما أبطل في عهد العزيز سنة (372ه/ 983م) صلاة التراويح في مساجد مصر (امين، ج1، ص202). ولكن هذه السّياسة لم تكن ثابتة بل كانت متغيرة، فعلى الرغم من أن الخلافة الفاطميّة حرصت على نشر مذهبها الشيعي بين أهالي البلاد التي ضمت إلى حوزتها سعيًا وراء توطيد سلطتها، فإنها في الوقت نفسه منحت لأهل السنة نوعًا من الحرية، فظل مذهب أهل السنة محتفظًا بقوته رغم تحول بعض المصريّين إلى المذهب الفاطميّ، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الفاطميّين حين دخلوا مصر واستقروا بها، تركوا لأهل السنة حرية الاعتقاد، وتركوا لهم الفسطاط، واتخذوا لهم حاضرة جديدة ومسجدا خاصا بهم، وأجازوا لأهل السنة إظهار شعائرهم على اختلاف مذاهبهم، فصارت تعاليم مذاهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل تدرس في دولتهم، بل صاروا يراعون مذهب الأمام مالك ومن سألهم الحكم به أجأبوا، أما مذهب الإمام أبي حنيفة، فلم يلق تأييدًا من الفاطميّين لأنه مذهب العباسيين. وظهر علماء مذاهب أهل السنة يلقون دروسهم على جمهور المستمعين بجامع عمرو بن العاص (سرور، ص79-80) ومن هؤلاء:
ج. أ- فقهاء الشافعية:
–القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي: تفقه على يد الشيخ أبي حامد، وسمع من جماعة كثيرة، وسكن مصر، مات بها سنة (441ه/ 1049م) (السيوطي، ج1، ص403).
–أبو القاسم نصر بن بشر بن علي العراقي: كان فقهيًا محققًا مناظرًا مبرزًا، سمع وحدث ومات سنة (447ه/ 1084م).
–أبو محمد عبدالله بن رفاعة بن غدير السعدي المصريّ: قاضي الجيزة، كان فقيهًا ماهرًا في الفرائض والمقدرات، صالحًا دينًا، تفقه على القاضي الخلعي، ولازمه.
ج. ب– فقهاء الشيعة:
– المؤيد في الدّين هبة الله الشيرازي: هو هبة الله بن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي، ولد بشيراز في العشر الأخير من القرن الرابع الهجريّ / العاشر الميلادي، في أسرة اتخذت العقيدة الفاطميّة مذهبًا لها، وكان أبوه حجة جزيرة فارس أيام الحاكم بأمر الله، فنشأ ابنه في الدعوة، واحتل مكان والده بعد وفاته، وكاتب الحاكم، وأقره على أن يكون حجة فارس، واستطاع أن يجمع قلوب أتباع الدعوة هناك ، واضطر الى مغادرتها، فخرج متنكرًا إلى الهواز سنة (436ه/ 1044م) رمّم مسجدا في الأهواز وجعله للشيعة الاسماعيلية ورفع أذان حي على خير العمل وخطب باسم الخليفة المستنصر الفاطميّ وجهر بالدعوة الفاطميّة وتوجه بعدها إلى مصر، فخدم المستنصر الفاطميّ، في ديوان الإنشاء، وصار إليه أمر الدعوة الفاطميّة سنة (450ه/ 1058م) ولقب بداعي الدعاة، ثم نحّي وأبعد إلى الشام. وعاد إلى مصر فتوفى فيها (الزركلي، ج8، ص75). وتولى المؤيد في مصر رتبة داعي الدعاة إلا أنه لم يستقر في هذا المنصب طويلًا بل عُزل عنه وأعيد إليه وتولى الإنشاء إلى غير ذلك حتى انتهى عمره وتوفى سنة (470ه/ 1077م). ودفن بدار العلم بجوار القصر. ولم تكن مكانة المؤيد العلميّة بأقل من مكانته السّياسيّة والدّينيّة، فقد كان من أكبر علماء مصر في الفقه الفاطميّ، إلى جانب سعة علمه وثقافته في شتى العلوم، مع تضلعه في علوم اللّغة والأدب (سلام، ج1، ص179). وقد اتصل المؤيد ببعض كبار علماء عصره وأدبائه، وكانت بينه وبينهم محاورات، وحدثت بينه وبين أبي العلاء المعري محاورة اعترف فيها بفضله حين وصفه بقوله: “سيدنا الرئيس الأرجل المؤيد في الدّين ما زالت حجته باهرة، ودولته عالية..، ولو ناظر ارسطاليس لجاز أن يفحمه، أو أفلاطون لنبذ حججه خلفه”.
ونقل ياقوت الحموي أن داعي الدعاة المؤيد لما سمع قول أبي العلاء:
غدوت مريض العقل والرأي فالقني لتخبر أنباء العقول الصحائح
فبعث إليه المؤيد قائلًا: “أنا ذلك المريض رأيًا وعقلًا، وقد أتيتك مستشفيًا فاشفني” وجرت بينهما مكاتبات كثيرة (الحموي، ج1، ص347). ومن أهم مؤلفاته: “المجالس المؤيدية”، و”ديوان المؤيد في الدّين”، و”السّيرة المؤيدية” (الزركلي، ج8، ص76). كما يعدّ المؤيد أستاذ الدّعوة في اليمن والهند، فعنه أخذ القاضي ابن مالك علوم الدعوة وعاد إلى اليمن يلقي على المستجيبين ما تلقاه عن المؤيد، كما يعد أستاذ ناصر خسرو الشّاعر الفارسيّ المعروف، فقد ذكره ناصر في أشعار ووصف مجالسه (عطاالله، ص364).
المبحث الثّاني
العلوم العقليّة التّطبيقيّة: شملت العلوم العقليّة مختلف العلوم التّطبيقيّة من الطّب، والهندسة، والفلسفة، والفلك والفيزياء والكيمياء، ودرس المسلمون هذه العلوم وأدخلوا عليها ما توصلت إليه نتائج بحوثهم ودراساتهم، واطلعوا على مؤلفات من سبقهم من العلماء، ثم أخذوا يؤلفون الكتب بأنفسهم، ويندر أن يشتغل الواحد منهم في الفلسفة دون الطّب والنجوم، أو في الطّب دون الفلسفة والنجوم، أو بالعكس، قال حنين بن اسحاق (حنين، ص409) في ذلك: ((إن الطّبيب يجب أن يكون فيلسوفًا)) لكنهم كانوا يلقون العالم بما غلب اشتغاله فيه (زيدان، ج3، ص194). كان جوّ الفكر في القرن الرابع الهجريّ / العاشر الميلادي وما بعده من القرون مهيأ للعلوم العقليّة والفلسفية لما بثه كبار الفلاسفة المسلمين في المشرق والمغرب من أفكار فلسفية، وما نقلوه عن كبار الفلاسفة اليونان، وقد شهد هذا العصر الفارابي وابن سينا وابن رشد (سلام، ج1، ص200). عاش الفارابي في ظل الدولة الحمدانية بحلب غير بعيد من عصر الفاطميّين، من أكبر الفلاسفة المسلمين كان فيلسوفًا كاملًا تعمق في الفلسفة والتحليل كما برع في الموسيقا حتى أصبح لا يضاهيه فيها أحد، واخترع آلة القانون، وأصلح ما بقي من الترجمات، فسموه المعلم الثّاني، توفى سنة (339ه/ 940م) (اليافغي، 1997، ج2، ص246)، كما عاش ابن سينا في عصر الدولة الفاطميّة وتوفى سنة (428ه/ 1036م) بعد حياة حافلة في ظل السامانيين. والبويهيين في بلاد فارس، وقد ترك تراثًا ضخمًا أهم ما فيه جمعه بين الفلسفة والطّب والعلوم الطّبيعية (سلام، ج1، ص200). يذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ: “ففي سنة (428ه/ 1036م) مات أبو علي ابن سينا الحكيم الفيلسوف وهو صاحب التصانيف السائرة على مذهب الفلاسفة. وكان موته بأصبهان، وكان يخدم علاء الدولة أبا جعفر بن كاكويه” (ابن الأثير، ج8، ص225). وقد اعترف ابن سينا بمنهجه في الحياة، فأكد على التزامه بحدود الدّين فقد كان يتردد على الجامع ويصلي، وربما كان في حياته بعض التساهل أو التحرر الذي غلب على كثير من الناس ممن أقبلوا على الحياة ولم يرفضوها، ورأوا ان الله زين للإنسان الدنيا ليتمتع بها ما دام لا يهمل أداء فروض دينه، وقد كان الفاطميّون كذلك لا يرون بأسًا من الاستمتاع بملاذ الحياة مادام الانسان مؤمنًا بالله موحدًا مؤديًا لفروض دينه وواجباته، مقبلًا على ما أحلّ له ممتنعًا عما حرم عليه (سلام، ج1، ص200). أهم مؤلفاته: “كتاب الشفاء”، وكتاب “النجاة”، و”كتاب الاشارات”، و”كتاب القانون” (اليافعي، ج3، ص39).
أما ابن رشد ولد وعاش في قرطبة سنة (520ه/ 1126م) درس الفقه والرياضة والطّب، وضع كتبا في مختلف فروع العلم ومنها: كتاب “الكليات في الطّب”، و”تهافت التهافت”، وكتاب “فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتّصال”. وقد قامت فلسفته على قاعدة التّوفيق بين الفلسفة والدّين وعدم التّعارض بينهما (اليافعي، ج3، ص363).
والفلسفة والعلوم العقليّة كلها متصل بعضها ببعض، فقد بنى الفاطميّون دار الحكمة واهتموا بتدريس الفلسفة والعلوم العقليّة والطّب والرّياضيّات والعلوم الطّبيعية والكيمياء والفلك.
1– الفلسفة: قرأ المسلمون الفلسفة في كتب أفلاطون وارسطو، وما علقه عليها اليونان من الشّروح وأضافوا إليها من الآراء، وهي تشمل المنطق والطّبيعيات والالهيات والأخلاق. فبدأ المسلمون أولًا بدراسة هذه الكتب، ثم أخذوا في شرحها أو تلخيصها، وتأليف الكتب الخاصة بهم (زيدان، ج3، ص194)، فالفلسفة الإسلاميّة متميزة عن سواها من فلسفات الأمم الأخرى، وذلك لأنها نابعة من الإسلام بغض النظر عن كونها تأثرت بفلسفة الإغريق، في الوقت الذي استعارت فيه الفلسفة الإغريقية عناصرها الأساسية من الشرق العربي وطورت فيها. ولقد عالجت الفلسفة الإسلاميّة عددًا كبيرًا من المواضيع اختلفت بين عصر وآخر (زكار، ص279)، فكل عصر أضاف عليها فلسفته الخاصة، فالفاطميّون صنعوا لأنفسهم فلسفة خاصة بهم ومنهجا جديدا طبقوا فيه عقيدتهم وأفكارهم وعلوم دعوتهم. ومما شجع على اشتغال الفاطميّين بالفلسفة ما كان لهم من رأي في أن للدين ظاهرًا وباطنًا، ومعنى صريحًا ومعنى مؤولًا. قال المقريزي في ذلك: ((كان الفاطميّون يتدرجون في دعوتهم، فإذا تمكن المدعو من التّعاليم الأولى أحالوه على ما تقرّر في كتب الفلاسفة من علم الطّبيعيات وما بعد الطّبيعة والعلم الالهي وغير ذلك من أقسام العلوم الفلسفية)) (المقريزي، ج1، ص395). تقوم فلسفة الفاطميّين على مجموعة من الأسس والمبادئ يذكرها المؤيد في الدّين داعي الدّعاة وأهمها:
1–توحيد الله وتنزيهه ونفي الإشراك فيه.
2– الاعتراف بالأنبياء والرّسل وانهم معصومون من كلّ خطأ وأن محمدًا خاتم النّبيين.
3– القول بوصاية علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه وولاية الأئمة من ذريته وعصمتهم جميعًا.
4– التّصديق بما جاء بالقرآن الكريم والعمل به ظاهرًا وباطنًا.
5– إبطال الرّأي والقياس في كل أمور الدّين ووجوب الأخذ عن الأئمة (عطاالله، ص327).
ومن الواضح أن الدولة الفاطميّة قامت على أسس الدعوة الشيعية (عنان، ص252)، وهدف من الاهتمام بالفلسفة هو نشر عقيدتها الدّينيّة، وقد تأثرت الدعوة بالفلسفة اليونانية، وأدخلت بعض عناصرها في عقيدتهم وآرائهم او عملت على نقدها والرّد عليها (حسين، ص95). وقد اهتمّ الفاطميّون بكل عالم عرف باشتغاله بفرع من فروع الفلسفة، فقد قيل إن العزيز بالله كاتب جبرائيل بن جبرائيل بن بختيشوع واستدعاه إلى مصر فاعتذر (القفطي، ص118)، وأرسل الحاكم بأمر الله إلى ابن الهيثم يستدعيه فأجاب وكتب الوزير الفلاحي (الوزير الفلاحي، ص75) إلى والي حلب بحمل أبي العلاء المعري إلى مصر ليبني دار علم يكون متقدمًا فيها وسمح بخراج معرة النّعمان له في حياته وبعده، لكنه رفض (عطاالله، ص330). ولعل سبب دعوتهم إلى التّفلسف أنهم كانوا يؤولون الديانات والشرائع تأويلًا يؤدي إلى تبديلها فاحتاجوا إلى اللّسان والجدل المزود بالفلسفة حتى يحسن ذلك (ضيف (شوقي)، ض960، ص355). ومن خلال الاطلاع على الحياة العقليّة في العالم الإسلاميّ في القرن الرابع الهجريّ/ العاشر الميلادي وما بعده يلاحظ أن أكثر العلماء كانوا متأثرين بهذه الآراء التي بثّها دعاة الفاطميّين.
2– الطّب: اهتم الفاطميّون بالطّب وأغدقوا على الأطباء الأموال والهدايا والمنح، وقلدوهم المناصب العالية وأصبحت لهم منزلة رفيعة بين رجال البلاط وقد ساعد ذلك على تقدم الطّب الذي أصبح يدرس نظريًّا وعمليًّا في البمارستانات التي كانت أشبه بكليات الطّب تخرج فيها جماعة من أطباء الأمراض الباطنيّة والجراحين، ومن مستلزمات الطّبيب أن يكون ملمًا بعلوم الفلسفة واللغات الأجنبية وخاصة السّريانيّة واليونانيّة بجانب إلمامه بالطّب (عطاالله، ص209). ظهر في مصر في هذا العصر عدد كبير من الأطباء، وكان الطّب في ذلك العصر من علوم الفلسفة وكثرت في مصر الفاطميّة مناظرات الأطباء ومجادلاتهم فكان ذلك من أسباب ازدهار هذا النوع من العلم واتساع أفقه وكثرة التأليف حوله، وقرب الفاطميّون الأطباء، وأغدقوا عليهم من نعمهم وعطاياهم إضافة لما أوقفوا لهم من مرتبات شهرية (حسين، ص112-113). ومن أهم أطباء العصر الفاطميّ في مصر:
أ– الطّبيب منصور بن مقشر: هو أبو الفتح النصراني، كان ابن مقشر من الأطبّاء المتقدمين في مصر، وكانت له مكانة مهمة عند الخلفاء الفاطميّين ولا سيما في أيام العزيز، ففي سنة (385ه/ 995م) مرض منصور بن مقشر، وتأخر الخليفة عن زيارته لمرض أصابه، فلما تماثل ابن مقشر للشفاء كتب إليه العزيز بخطه:
بسم الله الرحمن الرحيم
“طبيبنا سلمه الله سلم الله الطّبيب وأتم النعمة عليه، وصلت إلينا البشارة بما وهبنا الله من عافية الطّبيب وبرئه والله العظيم لقد عدل عندنا ما رزقنا نحن من الصحة في جسمنا فتمم الله عليك النعمة وكمل لنا صحتك وعجل بها ولا اشمت بنافيك عدوا ولا حايدًا ورد كيد من يريد الكيد في نحره وابتلاه بما لا طاقة له بعد الكفاية فيك واقالتك العثرة ورجوعك إلى أفضل ما عودل من صحة الجسم وطيبة النفس وخفض العيش بحوله وقوته والسلام عليك وصلى الله على خيرته من حلقة محمد النبي وآله وسلم تسليمًا” (القفطي، ص249-250). فهذا دليل على مكانة ابن مقشر الكبيرة لدى الخليفة الفاطميّ، فالخليفة عرف قدرة طبيبه وبراعته في مجال تخصصه، فقربه واتخذه صديقًا (حسين،،ص113).
ب– محمد بن أحمد بن سعيد التميمي: وفد على مصر في عهد المعز و العزيز الطّبيب وهو من بيت المقدس، واشتهر بخواص العقاقير وتركيب الأدوية، ولقى الأطباء بمصر وحاضرهم وناظرهم، واختلط بأطباء الخاصة القادمين من المغرب في صحبة المعز، والمقيمين بمصر من أهلها، وصنف للوزير يعقوب بن كلس كتابًا كبيرًا في عدة مجلدات سماه ((مادة البقاء، بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء))، ثم اتصل بالأطباء الذين وفدوا على مصر مع الخليفة المعزّ لدين الله ولأبي عبدالله التّميمي عدّة مؤلفات في الطّب منها: كتاب مخلص النّفوس، كتاب مادة البقاء، كتاب الفحص والأخبار، ومقالة في ماهية الرّمد وأنواعه وأسبابه وعلاجه. توفى التميمي بمصر في حدود سنة (370ه/ 980م) (ابن أبي أصيبعة، ج2، ص87-89).
ج– موسى بن العيزار يهوديّ: اشتهر في صناعة الطّب وكان في خدمة المعزّ لدين الله (ابن ابي اصيبعة، ج2، ص86)، وكان عالمًا بصناعة العلاج وتركيب الأدويّة وطبائع المفردات، ألّف شراب الاصول وذكر أنه ينفع الكلى والمثانة، وركب أدوية كثيرة، فقد ركب للخليفة المعزّ شراب التمر هندي واشترط فيه شروطًا كثيرة من النفع والصحة (القفطي، ص240)، ولموسى بن العيراز عدّة كتب منها: “كتاب المغزى في الطّبيخ ألفه المعز”، و”مقالة في السّعال”، وكتاب “الاقراباذين”. كان لموسى ابن يدعى اسحق المتطبب كان جليل القدر عمل في خدمة المعز أيضًا في حياة أبيه، وتوفى اسحق سنة (363ه/ 973م) واغتم المعز لموت اسحق لموضعه منه ولكفايته وجعل موضعه أخاه اسماعيل وابنه يعقوب بن اسحاق وكان ذلك في حياة أبيهم موسى، وتوفى قبل وفاة اسحق بيوم وكان له أخ مسلم اسمه عون الله بن موسى (ابن ابي اصيبعة، ج2، ص86).
د– الحقير النافع: يهوديّ في زمن الحاكم، كان طبيبًا جراحًا حسن المعالجة، كان يرتزق بصناعة مداواة الجراح وهو في غاية الخمول واتفق أن تعرضت رجل الحاكم لعقر مزمن وكان ابن مقشر طبيب الحاكم وغيره من الأطباء له يتولون علاجه فلم يؤثر ذلك في العقر، فجاء اليهوديّ وأعطاه دواء شفاه في ثلاثة ايام فمنحه الحاكم ألف دينار وخلع عليه ولقبه بالحقير النافع وجعله من أطبائه (ابن ابي اصيبعة، ج2، ص89-90).
3– الرّياضيّات والهندسة: من اهم العلوم التي برع فيها العرب المسلمين علم الرّياضيّات الذي شمل فروع الحساب والجبر والهندسة والمثلثات، حيث أصبح العرب المسلمين بعد فتحهم لأمصار جديدة مضطرين إلى استعمال الحساب في التجارة والمكاييل والقياسات، ومن هنا استعملوا في أبحاثهم وسجلاتهم الأرقام المعروفة اليوم بالأرقام العربيّة واخترعوا الصفر (مباركة (بورورو)، 2012م، ص49)، فقد نقل العرب المسلمون العلوم الرّياضيّة عن الامم الأخرى وخاصة اليونان وأخذوا من الهندسة الاغريقية وعملوا على تطبيقها عمليًا، كما تسربت علوم الهند إلى العرب عن طريق نقل كتاب الجداول الفلكية الهندية ((السندهند)) إلى اللّغة العربيّة في عهد الخليفة المنصور (136-158ه/ 753-775م)، وبذلك تعرف العرب على أنظمة الهند في مجال الرّياضيّات واطلعوا على الأرقام الهندية ومنها كونوا الأرقام العربيّة. ويرجع الفضل إلى المسلمين في اختراع علم الجبر، الذي ارتبط باسم العالم الشهير الخوارزمي (ت 253ه/ 850م)، الذي يعد أول من طور فن الحساب، ويعد مثالًا رائدًا في الرّياضيّات وفي الجبر بشكل خاص فهو أول من أطلق مصطلح الجبر (الحربي ، ص37-41)، وألف في هذا العالم كتابه “الجبر والمقابلة”. كما أعد للخليفة المأمون (198-204ه/ 813-819م) مختصرًا لبعض الجداول الفلكية الهندية المعروفة باسم السندهند التي ترجمها العرب سابقًا (وات مونتجومري)، 1983م، ص49-50). أمّا في الهندسة فقد ابتكر جابر بن حيان (ت 200ه/ 815م) قانونا يمكن بواسطته حل المثلثات ذوات الزوايا القائمة وتعمقوا في أبحاث المخروطات، ووصل العرب المسلمون بعلم الرّياضيّات إلى مستويّات عالية من النّتائج العلميّة التي سهّلت لهم حلّ المسائل الرّياضيّة (مباركة، ص50).
ومن أشهر علماء الرّياضيّات في مصر في العصر الفاطميّ:
أ– محمد بن الحسن بن الهيثم : من البصرة ثم انتقل إلى الديار المصريّة وأقام بها إلى آخر حياته، أتقن الكثير من العلوم وبرع في العلوم الرّياضيّة، لخص كثيرًا من كتب جالينوس في الطّب وكان خبيرا بأصول صناعة الطّب وقوانينها وأمورها الكليّة إلا أنّه لم يباشر أعمالها ولكن لم تكن لديه خبرة بالمداواة (ابن ابي اصيبعة، ج2، ص90)، ويلقب ببطليموس الثّاني، اهتمّ بالتّطبيق العلميّ لمعارفه الرّياضيّة فقد فكر بقدرته على تنظيم المياه النّاتجة عن فيضان نهر النّيل، ولمّا دعاه الحاكم بامر الله الفاطميّ لكي يقوم بهذه المهمة أدرك ابن الهيثم عدم مقدرته على ذلك (Corbin, p.214.)، بعد فشل مشروعه عاد إلى القاهرة وهو في أشدّ حالات الخجل واعتذر إلى الحاكم فعينه في منصب إداريّ، وفكّر ابن الهيثم في حيلة يتخلّص بها دون إن يجلب على نفسه غضب الحاكم فتظاهر بالجنون وخبال العقل، فعزله الحاكم سنة (411ه/ 1020م) وبعد وفاة الحاكم استوطن غرفة بالقرب من الجامع الأزهر وعاد إلى ما كان عليه من الانقطاع للعلم والبحث فيه وخلال تلك الفترة ظهر كتابه المشهور “المناظر” (الورد، ج1، ص66). برع ابن الهيثم في تحليل الضوء إلى اجزائه الصغيرة، واستخدم البرهان الرّياضيّ والتجربة والانعطاف والانعكاس وفي إيضاح هذا المعنى، كما برع في تفسير عملية الإحراق ويعتبر أول من فسر ظاهرة (قوس القزح) وتفسير ظاهرتي الكسوف والخسوف، ومن أهم نظرياته: كيفية الإدراك، الأضواء الذاتية الصرفية، الفجر والشفق، الألوان والأجسام الكثيفة، نظريات انعكاس الضوء، الاعتبار في ضوء القمر.
4– النبات: نبغ في العصر الفاطميّ محمد بن أحمد بن سعيد التميمي في مجال النبات حيث كان طبيبًا وعالمًا بالنبات والأعشاب ولد في القدس وانتقل إلى مصر فسكنها وتوفى بها حوالي (390ه/ 999م)، كما كان له علاقة بالنبات وماهياته والكلام فيه، وله خبرة في تركيب المعاجين والأدوية المفردة، وللتميمي من الكتب: “رسالة إلى ابنه علي بن محمد في صناعة التّرياق” وانتبه على ما يخلط فيه من أدويته ونعت أشجاره الصحيحة وأوقات جمعها وكيفية عجنه، وذكر منافعه، وتجربته، وكتاب آخر في الترياق وقد استوعب فيه تكميل أدويته وتحرير منافعه، وكتاب “مختصر الترياق”، وكتاب “لفاحص و الاخبار” “بن ابي اصيبعة، ج2، ص87-89)، وكتاب “مادة البقاء في إصلاح فساد الهواء”، و”التحرز من ضرر الأوباء”، و”مقالة في ماهية الحمد وأنواعه وأسباب علاجه”، و”المرشد إلى جواهر الأغذية”، و”منافع القرآن” (الزركلي، ج5، ص313).
5– الكيمياء: نبغ في ميدان الكيمياء في العصر الفاطميّ المظفر نصر بن محمود بن المعرف، كان ذكيًا فطنًا كثير الاجتهاد، له نظر في صناعة الطّب، قرأ على تلاميذه كثيرًا من العلوم الحكمية وغيرها، وكان مغرما بصناعة الكيمياء والنظر فيها والاجتماع بأهلها، وكتب بخط يده العديد من كتب الكيمياء، وله من الكتب: “تعاليق في الكيمياء”، و”مختارات في الطّب” (ابن ابي اصيبعة، ج2، ص108).
خاتمة البحث
يلاحظ من البحث أن أغلب المؤلفات التّاريخيّة في العصر الفاطميّ تهتم بمصر وتاريخها ومعالمها وفنونها وألوان الحياة ومختلف أوجه الحضارة فيها مع قلة الاعتناء بمؤلفات التاريخ العام، فهذا يؤكد توجه المدرسة الفاطميّة نحو التخصص في الكتابة التّاريخيّة ضمن حدود معينة، في الوقت نفسه ابدعت واستوفت ما قدمته من دراسات فكان لتلك الكتب والمؤلفات الأثر الكبير في مدرسة التاريخ المصريّة كونها انتهجت التخصص في طرح مواضيعها وقدمت صورا واضحة ومواضيع تاريخية دقيقة عن تاريخ مصر في القرن الرابع والخامس الهجريّين/ العاشر والحادي عشر الميلاديين. ومن النتائج التي توصل إليها البحث أن كتب مؤلفات مؤرخي العصر الفاطميّ كانت مادية علمية غنية للكثير من المؤرخين اللاحقين فيما يخص تاريخ مصر في تلك الفترة وذلك بما قدمته من معلومات دقيقة فيما يتعلق بالحياة السّياسيّة والحضارية وخاصة في وصف مصر وآثارها وخططها، إضافة لما قدموه من مواضيع في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والسّياسيّة والاجتماعيّة، فالتنوع لم يقتصر على فنون الكتابة التّاريخيّة فقد شملت كتبا تخص الفلك، والفلسفة، والحكم، والقضاء، والأديان، والعبادات، والتفسير، والحديث، فكان لهذا التنوع تأثير كبير في تنشيط الحياة الثقافية والفكرية في مصر وتطويرها. فكانت مؤلفاتهم أحد أهم المصادر ومادة علمية خصبة لمؤرخي العصور التي لحقتهم. ويلاحظ أيضًا أنه على الرغم من قيام الدولة الفاطميّة على أساس ديني مذهبي، شجعت على نشر العلم والثقافة، وأنشأت المساجد، ودور العبادة، بهدف نشر العقيدة الاسماعيلية، وأظهرت نوعا من التسامح الدّينيّ، ويؤكد ذلك ظهور عدد كبير من الفقهاء والعلماء من أهل السنة وأهل الذمة، وأتيح لهم تأليف وتصنيف الكتب، وظهر عدد كبير من أطباء أهل الذمة في بلاط قصور الخلفاء. وكان هدف الفاطميّين من هذه السّياسة هو جعل الدولة قوية، وإظهارها بمظهر القوي، وخاصة أمام منافستها الدولة العباسية، ورغبة من الخلفاء في تقريب المصريّين إليهم بشكل خاص، والمسلمين بشكل عام. إن النشاط العلميّ في مصر الفاطميّة لم يكن له مثيل في بلد آخر، فقد استطاعت أن تنافس غيرها من البلدان الإسلاميّة لا بل أن تسبقها، وتجلس على قمة العلم والحضارة، ولعل الفضل في ذلك يعود إلى الخلفاء الفاطميّين الذين كانوا أوسع أفقًا من غيرهم في مجال الفكر، فقد أسسوا مذهبهم على أسس علمية فلسفية فاستطاع أن يحققوا النجاح المقرر لهم على ضوء المعرفة والمنطق والواقع. تبين من خلال البحث دور الوزراء في حركة التأليف التي شهدتها مصر في تلك الفترة فقد قوي نفوذهم في الوقت الذي ضعف فيه نفوذ الخلفاء الفاطميّين فقد ألفوا الكتب ولم يبخلوا على العلماء والمؤرخين وتشجيعهم بمختلف الطرق فازدهرت حركة التأليف وتنوعت فنون الكتابة التّاريخيّة. يوضح البحث تطور أسلوب مناهج الكتابة التّاريخيّة، حيث يلاحظ الاعتماد على أكثر من أسلوب في الكتابة ضمن المصنف الواحد وخاصة فيما يتعلق بكتابة التاريخ العام، حيث يبدأ المؤلف بالحديث عن بدء الخليقة بالاعتماد على أساطير وخرافات بعدها ينتقل بالتدريج ويصبح أكثر دقة وتتسع مداركه وتتوضح الحقيقة أمامه، حيث يصبح الحدث أقرب إلى المؤرخ، حيث توافرت معلومات في مصادر العصور التي سبقت عصره، وصولًا إلى الحدث الذي عاصره المؤرخ.
قائمة المصادر والمراجع
1– تامر (عارف): المعز لدين الله الفاطميّ، بيروت، دار الافاق الجديدة، 1982م.
الموسوعة التّاريخيّة للخلفاء الفاطميّين، ج10، دمشق، دار الجيل، 1980م.
2– ضيف شوقي: الفن ومذاهبه في النثر العربي، القاهرة، د.د، ط3، 1960م.
3– سلام: (محمد زغلول)، الأدب في العصر الفاطميّ، ج2، الاسكندرية، منشأة المعارف، د.ت.
4– المقريزي: تقي الدّين احمد بن علي المقريزي باسم “تقي الدّين المقريزي” (ت 845ه- 1442م)، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار، دار الكتب العلميّة، بيروت الطّبعة الاولى، 1418.
5– السيوطي: (الحافظ جلال الدّين عبد الرحمن ت 911ه/ 1505م)، حسن المحاصرة في تاريخ مصر والقاهرة، تح محمد أبو الفضل ابراهيم، ج2، القاهرة، د.د، 1968م.
بغية الدعاة في طبقات اللغويين النحاة، تح محمد أبو الفضل ابراهيم، ج2، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ط1، 1965م.
6– الحموي: (ياقوت)، معجم الأدباء، تح احسان عباس، ج7، ببروت، دار الغرب الإسلاميّ، ط1، 1993م.
معجم البلدان، ج5، بيروت، دار صادر، 1977م.
7– ابن بابشاذ (أبو الحسن طاهر بن احمد): شرح المقدمة النّحوية، تح محمد أبوالفتوح شريف، ج2، القاهرة، الجهاز المركزي للكتب الجامعية والمدرسية، 1978م.
8– القفطي (أبو الحسن علي بن يوسف ت 624ه/ 1226م)، اخبار العلماء باخبار الحكماء، تح ابراهيم شمس الدّين، بيروت، دار الكتب العلميّة، 2005م.
انباه الرواة على انباه النحاة، تح محمد أبو الفضل ابراهيم، ج4، القاهرة، دار الفكر الغربي، 1986م.
9– ابن خلكان (احمد بن محمد بن ابي بكر ت 681ه/ 1282م)، وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان، تح احسان عباس، ج7، بيروت، دار القادر، 1978م.
10– امين (احمد)، ظهر الاسلام، ج4، القاهرة، شركة نوابغ الفكر، ط1، 2009م.
11– حسين (محمد كامل)، في ادب مصر الفاطميّة، القاهرة، مؤسسة هنداوي، 2012م.
12– ماجد (عبد المنعم)، ظهور الخلافة الفاطميّة وسقوطها في مصر، القاهرة، دار الفكر العربي 1994م.
نظم الفاطميّين ورسومهم في مصر، ج2، القاهرة، مكتبة الانجلو المصريّة، ط3، 1985م.
13– عطاالله: احمد خضر عطاالله، الحياة الفكرية في مصر في العصر الفاطميّ، دار الفكر العربي الطّبعة الاولى.
14– الذهبي: (محمد بن احمد بن عثمان ت748ه/ 1347م)، الاسرائيليات في التفسير والحديث، القاهرة، مكتبة وهبة،د.ت.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج4، بيروت، دار المعرفة، د.ت.
تذكرة الحفاظ، ج4، بيروت، دار الكتب العلميّة د.ت.
معرفة القراء الكبار على الطّبقات والااصار، تح طيار آلتي قولاج، ج4، استانبول، د.د، 1995م.
العبر في خبر من غير، تح محمد السعيد زغلول، ج3، بيروت، دار الكتب العلميّة، د.ت.
سير اعلام النبلاء، تح حسان عبدالمنان، ج4، لبنان، بيت الافكار الدولية، 2004م.
طبقات القراء، تح احمد خان، ج3، الرياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدّراسات الإسلاميّة، ط1، 1997م.
15– زيدان (جدجي)، تاريخ التمدن الايلامي، ج5، بيروت، مكتبة الحياة، د.ت.
16– سرور (محمد جمال)، تاريخ الدولة الفاطميّة، القاهرة، دار الفكر العربي د.ت.
17– حنين اب اسحق: أبو زيد اسحاق العبادي المعروف بحنين بن اسحاق، حنين مترجم وعالم لغات وطبيب عربي مسيحي منسطوري اصله من الحيرة، ولد عام 194ه/ 810م، اهم مؤلفاته، كتاب احكام الاعراب، كتاب علاج العين وغيرها، بيروت، دار المعرفة، د.ت.
18– اليافعي (أبو محمد عبدالله بن اسعد بن علي)، مراة الجنان وعبرة اليقظان، تح خليل المنصور، ج4، بيروت، دار الكتب العلميّة ط1، 1997م.
19– زكار (سهيل)، خربوطلي (شكران)، الحضارة العربيّة الإسلاميّة، دمشق، منشورات جامعة دمشق، 2006م.
20– عنان: محمد عبدالله الحاكم بامر الله واسرار الدعوة الفاطميّة، الفاهرة، مكتبة الخانجي، الرياض، دار الرفاعي، الطّبعة الثالثة 1404ه/ 1983م.
21– ابن ابي اصيبعة (احمد بن القاسم بن خليفة بن يونس)، عيون الانباء في طبقات الاطباء، تح امرؤ قيس بن الطحان، ج2، القاهرة المطبعة الوهبية، ط1، 1882م.
22– الورد ( باقر امين)، معجم العلماء العرب، ج2، ببروت، مكتبة النّهضة العربيّة، ط1، 1986م.
23– الزركلي (خير الدّين)، الاعلام، ج8، بيروت، دار العلم للملايين، ط15، 2002م.
24– مباركة (بورورو)، تأثير الحضارة العربيّة الإسلاميّة على اوروبا خلال القرون الوسطى، رسالة ماجستير، تلمسان، كلية الاداب والعلوم الانسانية، 2012م.
25– corbin
Cerbin H. Histoire de la philosophie Islammique, callimard, Paris,1962.
عدد الزوار:23