أبحاثاللغة والأدب والنّقد

الأسرار البلاغيّة في التّركيب اللّغويّ للآيات المتشابهة في القرآن الكريم

الأسرار البلاغيّة في التّركيب اللّغويّ للآيات المتشابهة في القرآن الكريم

Rhetorical secrets in the linguistic structure of similar verses in Qur’an al karim

نغم سلهب

Nagham Salhab

تاريخ الاستلام 18/3/ 2025                           تاريخ القبول 4/4/2025

لتحميل البحث بصيغة PDF

ملخّص

جرت في هذا البحث مقارنة لغويّة وسياقيّة بين بعض الآيات المتشابهة في جزء عمّ، وذلك بعد التعرّف على معنى التّشابه لغةً واصطلاحًا؛ فالمعنى اللّغويّ للتّشابه يدور حول أمرين: التّماثل والالتباس، وأمّا اصطلاحًا فقد تُوصّل إلى تعريف جامع للمتشابه اللّفظيّ -الذي هو مدار البحث- وهو الآيات المتكرّرة في موضوعٍ واحدٍ متقارب المعنى، وهي إمّا متشابهة تشابهًا تامًّا، وإمّا غير تامّ؛ وذلك باختلاف في اللّفظ، أو في النّظم، أو في كليهما معًا. وبالتالي، توزّعت الآيات على أربعة أقسام:

  • آيات المتشابه التامّ.
  • آيات المتشابه المختلف في الإبدال.
  • آيات المتشابه المختلف في الذّكر والحذف.
  • آيات المتشابه المختلف في أحوال الفعل.

وتبيّن أنّ الآيات التي تشابهت تشابهًا تامًّا، قد اختلف المقصود فيها، فلم تكن تكرارًا؛ فكلّ آيةٍ منها كان لها مدلولها الخاصّ وفق السّياق الذي أتت فيه. والآيات التي اختلفت في الإبدال، أو في الذّكر والحذف، أو في أحوال الأفعال، كشفت عن بعض الأسرار البلاغيّة المكتنزة في القرآن الكريم، فجاء كلّ تركيب في مكانه المناسب والملائم، فلا يصحّ إبداله بآخر لتناسبه مع الدّلالة المقصودة. وأظهرت هذه الآيات القيمة المعنوية التي يحملها الحرف؛ فذكره في آية وحذفه في أخرى يؤدّيان إلى الاختلاف في الدّلالة، فمعاني الحرف لها تأثير واضحٌ على معاني الآيات التي وردت فيها، فلا يمكن إغفالها أو عدم الالتفات إليها في تحديد الدلالات. وكذلك الأمر في أحوال الأفعال، فالوزن الذي جاء عليه الفعل، أو الزمن الذي صرّف فيه، قد تناسب تناسبًا تامًّا مع السّياق الوارد فيه، فكان له انعكاسٌ واضحٌ في تحديد الدّلالة.

الكلمات المفتاحية: المتشابه اللّفظيّ – التّركيب اللّغويّ – السّياق – الدّلالة – الإعجاز البلاغيّ.

Abstract
This research presents a linguistic and contextual comparative study between certain similar verses in ( Amma ) chapter, after identifying the meaning of similarity linguistically and terminologically. Linguistically, the meaning of similarity revolves around two things: resemblance and likeness. Terminologically, the research adopts Al-Jami’ University’s definition of verbal similarity, which is the main subject of the study — repeated verses on a particular topic with a similar meaning. These verses might be completely identical, or partially similar due to differences in wording, structure, or both. Accordingly, the similar verses were categorized into four sections:

1. Verses that are completely similar.
2. Verses that differ in substitution.
3. Verses that differ in addition or omission.
4. Verses that differ in verb conditions.

It was found that the verses that appeared similar, whether completely or partially, were not repeated randomly; rather, each had its specific context and particular connotation based on its surrounding context.

As for the verses that differed in substitution, addition, omission, or verb conditions, they revealed some of the rhetorical secrets contained in the Qur’an. Every structure came perfectly suited to its context and the intended meaning, so substituting any word would not fit the intended indication. This study showed that these frequently repeated verses in the Qur’an carried great rhetorical value, whether the difference was in the letter, the word, or its omission in one verse and inclusion in another. This variation contributes to refining the intended meaning of the verse, and it would not be appropriate to delete or replace them without affecting the meaning.

This also applies to verb conditions, where the verb in its tense and form perfectly aligns with the context in which it appears, reflecting its role in clarifying the intended meaning.

Keywords: Verbal similarity – linguistic structure – context – meaning – rhetorical miracle.

 

المقدّمة

تنوّعت أوجه الإعجاز في القرآن الكريم، فمنه العلميّ والتشريعيّ والإخبار عن الأمم السابقة وعن الغيب؛ ومن ذلك أيضاً الإعجاز البيانيّ البلاغيّ، المتمثّل في أسلوبه ونظمه وتركيبه اللّغويّ.

ويعدّ التّشابه اللّفظيّ فيه من أبرز ظواهر الإعجاز البلاغيّ، فتتشابه بعض آياته تشابهاً تامًّا، وتختلف في بعضها باختلاف كلمة (اسم، فعل، حرف)، أو وجود زيادة أونقص أو تقديم أو تأخير، وغيرها من وجوه الاختلاف بين المتشابهات.

والنّظر إلى التّركيب اللّغويّ وحده في هذه الآيات، قد يؤدّي إلى الابتعاد عن فهم الدّلالة الكاملة، وقد نُرجع حينئذ هذا الاختلاف إلى وجوه جماليّة شكليّة؛ وكأنّ وجود هذه الكلمة يوضّح المعنى، أو نقصها يفيد الوجز والاقتصار. من هنا، كان لا بدّ -لمعرفة المعنى الدقيق للآية وسرّ اختلافها عن نظيرته- من ملاحظة السّياق؛ للإحاطة بالحقيقة البلاغيّة الكبرى، وهي لكلّ مقام مقال؛ لما في السّياق من دور مهمّ في بيان الدّلالة المرجوّة، فهي قد تصلح في سياق، ولا تصلح في سياق آخر.

ولمّا كانت الألفاظ وسيلةً لتحديد الأفكار والمعاني، وتميّز بعضها عن بعض بما هي متفاوتة في العموم والخصوص، وفي الجنس والنوع؛ ولمّا كان الخلاف في معاني الألفاظ  كثيرًا في اللّغة، خصوصًا في المتشابهة  فيها؛ ولما كانت البلاغة تقتضي اختيار اللّفظة التي تناسب المعنى المراد والمقصود، كان الإعجاز فيها هو الدقّة في التعبير، حيث لا يمكن للفظة أن يشاركها فيها غيرها.

وهذا ما تجلّى في كتاب الله العزيز القرآن الكريم، حيث حازت التراكيب اللغويّة فيه مرتبة القدسية لكونها تدور في فلك الإعجاز، ويمكن أن يُكتشف ذلك عند تتبّع الآيات المتشابهة فيه؛ إذ نجد أنّ اللّفظة تستعمل في مكانها الذي يناسبها ممّا لا محيص من إحلال غيرها محلّها. لذلك، فإشكاليّة البحث هي الإجابة عن هذا السّؤال:

إلى أي مدى تجلّى اتساق التراكيب اللغويّة في الآيات بسياقاتها إعجازاً بلاغيًّا؟

وبما أنّه لا يمكن الإحاطة بجميع الآيات المتشابهة لغويًّا في القرآن، حُدّد هذا البحث بإطار جزء عمّ، حيث سيتمّ اختيار بعض الآيات المتشابهة فيه.

أمّا الطريقة التي اتُّبِعت في دراسة الآيات وتحليلها للوصول إلى بعض أسرار الاختلاف فيها فكانت التالية:

أوّلًا- الرجوع إلى التّفاسير للكشف عن معنى الآيات ولطائفها.

ثانيًا- البحث عن المعاني النّحويّة واللغويّة في الآيات التي تتطلّب ذلك.

ثالثًا- النظر في السّياق بتأمّل وتمعّن، وربطه بمدلول الآيات وبالمعاني النّحويّة واللغويّة إن وجدت، للوصول إلى نتيجة تُظهر نوعًا ما سرًّا من الأسرار البلاغيّة الكامنة في كتاب الله العزيز.

ولاستخراج ما تشابه من الآيات في جزء عمّ تمّ الرجوع إلى القرآن ذاته، إضافة إلى الاستعانة بالكتب التالية:

  • دليل آيات متشابهة الألفاظ في كتاب الله العزيز[1].
  • درّة التنزيل وغرّة التأويل[2].
  • البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجّة والبيان[3].

ووزّعت الآيات المتشابهة على أربعة أقسام، وهي التالية:

  1. آيات المتشابه التام.
  2. آيات المتشابه المختلف في الإبدال.
  3. آيات المتشابه المختلف في الذّكر والحذف.
  4. آيات المتشابه في أحوال الأفعال.

 

أوّلًا- مفهوم التّشابه

  1. في اللّغة

“الشِّبه والشَّبه والشَّبيه: المِثْل، والجمع أمثال. وأشبه الشّيء الشّيء: ماثَلَه.. وأشبهت فلانًا، وشابهته، وتشابه الشّيئان، واشتبها: أشبه كلّ واحد صاحبه، وتقول: أشبه فلان أباه، وأنت مثله في الشِّبه والشَّبه، وتقول في فلان شبه من فلان، وهو شِبهه وشَبهه وشبيهُه (…) والمشتبهات من الأمور المشكلات، وتقول شبّهت عليَّ يا فلان إذا خلّط عليك. واشتبه الأمر إذا اختلط. والشبهة: الالتباس، وأمور مشتَبهة ومشبِّهة، وجمع الشُبهة: شبه. وشبّه عليه خلّط عليه الأمر حتى اشتبه بغيره…”[4].

وفي المعجم الوسيط بيان بديعٌ لمادّة شبه يمكن إيجازه في ما يلي:

“شبَّه الشّيء بالشّيء: مثَّله وأقامه مقامه لصفة مشتركة بينهما. وتشابه الشّيئان: أشبه كلٌّ منهما الآخر حتّى التبسا. والتّشبيه: التّمثيل، وعند البيانيين: إلحاق أمرٍ بأمر لصفة مشتركة بينهما كتشبيه الرجل بالأسد في الشجاعة. والشِّبه والشبيه: المثل، والجمع: أشباه. وشبَّه عليه الأمر: أبهمه عليه حتّى اشتبه بغيره. وشبِّه عليه وله: لبِّس. وفي التّنزيل العزيز: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ ١٥٧﴾ (النساء 157). واشتبه الأمر عليه: اختلط. واشتبه في المسألة: شكّ في صحّتها.

والشُّبهة: الالتباس، وفي الشّرع: ما التبس أمره، فلا يدري أحلالٌ هو أم حرام، وحقٌّ هو أم باطل، والجمع: شبه”[5].

وفي لفظ آخر لصاحب المصباح المنير:

“شبَّهتُ الشّيء بالشّيء: أقمتُه مُقامَه لصفةٍ جامعة بينهما. وأشبه الولد أباه وشابهه: إذا شاركه في صفة من صفاته. واشتبهت الأمور وتشابهت: التبست فلم تتميّز ولم تظهر”[6].

وهكذا، فإنّ المعنى اللّغويّ للتشابه يدور حول أمرين: التّماثل والالتباس. وعلى ضوء ذلك يمكن الاستدلال على معنى لفظ التّشابه الوارد في القرآن الكريم.

  1. في الاصطلاح

لم يرد عند العلماء تعريف منضبط أو محدّد للمتشابه اللّفظيّ، بدءًا بالخطيب الإسكافي الذي يعدّ مؤسس هذا العلم، فهو لم يخصّ اصطلاح المتشابه اللّفظيّ بتعريف، وإنّما ذكر ذلك حينما نوّه بمبعث كتابه ومادّته قائلًا: “تدعوني دواعٍ قويّةٌ يبعثها نظرٌ ورؤية في الآيات المتكرّرة بالكلمات المتَّفقة والمختلفة، وحروفها المتشابهة المنغلقة والمنحرفة، تطلّبًا لعلامات ترفع لبس إشكالها”[7].

وكذلك الغرناطيّ لم يضع له بيانًا، وإنّما قال في معرض الإشارة إلى موضوع كتابه: “وإنّ من مغفلات مصنّفي أئمّتنا رضي الله عنهم في خدمة علومه، وتدبّر منظومه الجليل ومفهومه، توجيه ما تكرّر من آياته لفظًا أو اختلف بتقديم أو تأخير، وبعض زيادة في التعبير”[8].

أمّا الزركشيّ فقد سمّاه بعلم المتشابه، وعرّفه قائلًا: “وهو إيراد القصّة الواحدة في صور شتّى، وفواصل مختلفة، ويكثر في إيراد القصص والأنباء، وحكمته التصرّف في الكلام، وإتيانه على ضروب، ليعلّمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك”[9].

ومن التعاريف الأكثر إيضاحًا، ما قاله إبراهيم الجرجيّ حيث أعاد الاختلاف إلى السّياق:

“وهو تشابه آيات القرآن الكريم في الألفاظ والمعاني بحيث يكون ثمّ تغاير طفيف بين آية وآية وفق ما يقتضيه السّياق والتعبير”[10].

هذه بعض تعاريف العلماء التي يمكن أن يُستفاد منها تعريف جامع للمتشابه اللّفظيّ، وهو:

الآيات المتكرّرة في موضوع واحد متقارب المعنى، وهي إمّا متشابهة تشابهًا تامًّا وإمّا غير تامّ، وذلك باختلاف في اللّفظ، أو في النّظم، أو في كليهما معًا.

ثانيًّا- أنواع المتشابه اللّفظيّ

  1. المتشابه التام

الموضع الأول

﴿مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ ٣٣﴾(النّازعات 33).

﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ٣٢﴾(عبس 32).

تشابهت هاتان الآيتان تشابهًا تامًّا في سورتَي النّازعات وعبس، فهل تُعدّان تكرارًا أم أنّ هناك فرقًا دلاليًا بينهما؟

جاء في التفسير الكبير في تفسير آية النّازعات: “ثمّ إنّه تعالى لمّا بيّن كيفية خلْق الأرض وكمّية منافعها قال ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ والمعنى إنّما خلقنا هذه الأشياء متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم”[11].

وفي تفسير آية عبس جاء فيه: “ولمّا ذكر الله تعالى ما يتغذّى به النّاس والحيوان قال ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾. قال الفراء خلقناه منفعة ومتعة لكم ولأنعامكم، وقال الزجّاج هو منصوب لأنّه مصدر مؤكّد لقوله (فأنبتنا) لأنّ إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان”[12].

وجاء في روح المعاني في تفسير الآية الأولى: “وقوله تعالى ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ قيل مفعول له، أي فعل ذلك تمتيعًا لكم ولأنعامكم، لأنّ فائدة ما ذُكر من الدحو وإخراج الماء والمرعى واصلة إليهم ولأنعامهم، فإنّ المرعى كما سمعت مجاز عمّا يأكله الإنسان وغيره، وقيل مصدر مؤكّد لفعله المضمر، أي متّعكم بذلك متاعًا، أو مصدر من غير لفظه، فإنّ قوله تعالى أخرج منها ماءها ومرعاها في معنى متّع بذلك”[13].

وفي تفسير الآية الثانية جاء فيه: ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ قيل إمّا مفعول له أي فعل ذلك تمتيعًا لكم ولمواشيكم، فإنّ بعض النعَم المعدودة طعام لهم، وبعضها علف لدوابّهم ويوزّع وينزل كلّ على مقتضاه والالتفات لتكميل الامتنان، وإمّا مصدر مؤكّد لفعله المضمر بحذف الزّوائد، أي متّعكم بذلك متاعًا أي تمتّعًا، أو مصدر من غير لفظه، فإنّ ما ذُكر من الأفعال الثلاثة في معنى التمتيع”[14].

وفي تفسير الميزان جاء في تفسير الآية الأولى: “وقوله: ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ أي خلق ما ذكر من السّماء والأرض ما دبر من أمرهما، ليكون متاعًا لكم ولأنعامكم التي سخّرها لكم تتمتّعون به في حياتكم، فهذا الخلق والتدبير الذي فيه تمتيعكم يوجب عليكم معرفة ربّكم، وخوف مقامه، وشكر نعمته؛ فهناك يوم تجزون فيه بما عملتم في ذلك، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا؛ كما أنّ هذا الخلق والتدبير أشدّ من خلقكم، فليس لكم أن تستبعدوا خلقكم ثانيًا وتستصعبوه عليه تعالى”[15].

وفي تفسير الآية الثانية جاء فيه: “وقوله: ﴿مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ﴾ مفعول له أي أنبتنا ما أنبتنا ممّا تطعمونه ليكون تمتيعًا لكم وللأنعام التي خصصتموها بأنفسكم”[16].

يُلاحظ من خلال ما مرّ من تفسير هاتين الآيتين أنّه لا اختلاف دلاليًا بينهما، ولكن بالنظر إلى سياق كلّ واحدة منهما يتّضح الفرق.

ففي سورة النّازعات، سبق هذه الآية الحديث عن النعم التي يشترك فيها الإنسان والأنعام ﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا٢٧ رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا٢٨ وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا٢٩ وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ٣٠ أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا٣١ وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا٣٢﴾ (النّازعات 27 ¬ 32)، فبناء السّماء وتسويتها، وخلق اللّيل والنّهار، ودحو الأرض ليستقرّ عليها جميع الخلق، وإخراج الماء والمرعى أي كلّ ما ينبت من الأرض، وتثبيت الجبال، كلّ هذه النّعم غير مختصّة بالإنسان وحده، فالأنعام تحتاج إليها لتنتفع بها. وبناءً عليه، فالمقصود بالمتاع هنا المتاع العامّ غير المخصّص لمخلوق دون الآخر، وعدم التخصيص يُناسب أيضًا الآية اللاحقة ﴿فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ٣٤﴾ (النّازعات 34)، والطّامة هي يوم القيامة، فقد جاء في لسان العرب “والطّامة: الداهية تغلب ما سواها… ويُقال للشيء الذي يكثر حتّى يعلو: قد طمّ وهو يطمّ طمًّا. وجاء السّيل فطمّ كلّ شيء أي علاه، ومن ثمّ قيل: فوق كلّ شيء طامّة، ومنه سمّيت القيامة طامّة. وقال الفرّاء في قوله عزّ وجلّ: فإذا جاءت الطّامة؛ قال: هي القيامة تطمّ على كلّ شيء”[17]. وهذه الحالة التي تصيب الكون تشمل جميع المخلوقات حيث تنقلب الدنيا رأسًا على عقب، وتُطمّ معالمها لتظهر معالم عالم جديد هو يوم القيامة.

أمّا في سورة عبس، فالمقصود بالمتاع المتاع الخاصّ بالإنسان والمتاع الخاصّ بالأنعام، فقد سُبقت هذه الآية بالآية ﴿وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا٣١ (عبس 31)؛ والفاكهة هي غذاء خاصّ بالإنسان، أمّا الأبّ فهو “المرعى لأنّه يؤبُّ أي يؤمّ وينتجع”[18] وهو غذاء خاصّ بالأنعام، وهذا التخصيص يناسب الآيات اللاحقة التي تتحدّث عن الحالة الخاصّة التي تصيب الإنسان عند حلول الصاخّة، “والصّاخة: القيامة، وبه فسّر أبو عبيدة قوله تعالى: فإذا جاءت الصّاخَّة؛ فإمّا أن يكون اسم الفاعل من صخّ يصخّ، وإمّا أن يكون المصدر؛ وقال أبو إسحق: الصّاخّة هي الصيحة التي تكون فيها القيامة تصخّ الأسماع أي تصمّها فلا تسمع إلّا ما تدعى به للإحياء”[19]، ﴿فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ٣٣ يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ٣٥ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ٣٦ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ٣٧ (عبس 33)، فالذين كان يأوي إليهم الإنسان ويلوذ بهم في الدّنيا، يفرّ منهم يوم القيامة للشدّة التي تحيط به بحيث لا تدعه يشتغل بغيره ويعتني بما سواه كائنًا من كان، وهذا الوضع مختصّ بالإنسان عند حلول الحساب. فاختلاف المقصود بالمتاع في كلتا الآيتين نفى وقوع التكرار بينهما.

الموضع الثاني

﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ١٣﴾ (الانفطار 13).

﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٍ٢٢﴾ (المطفّفين 22).

تشابهت هاتان الآيتان تشابهًا تامًّا في سورتي الانفطار والمطفّفين، فهل تشابهتا أيضًا في الدّلالة أم هناك اختلاف دلاليّ بينهما؟

بدايةً، لا بدّ من الاطّلاع على ما ورد في بعض التّفاسير.

جاء في الميزان في تفسير الآية الأولى: “قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ١٣ وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٖ١٤﴾ الانفطار: 13-14 استئناف مبيّن لنتيجة حفظ الأعمال بكتابة الكتبة وظهورها يوم القيامة.

والأبرار هم المحسنون عملًا، والفجّار هم المنخرقون بالذنوب، والظاهر أنّ المراد بهم المتهتّكون من الكفّار، إذ لا خلود لمؤمن في النّار، وفي تنكير (نعيم) و(جحيم) إشعارٌ بالتفخيم والتهويل كما قيل”[20].

وفي تفسير الآية الثانية جاء فيه: “قوله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ النّعيم النعمة الكثيرة، وفي تنكيره دلالة على فخامة قدره، والمعنى إنّ الأبرار لفي نعمة كثيرة لا يحيط بها الوصف”[21].

وجاء في التفسير الكبير في تفسير الآية الأولى: “اعلم أنّ الله تعالى لمّا وصف الكرام الكاتبين لأعمال العباد ذكر أحوال العاملين فقال ﴿ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ وهو نعيم الجنّة”[22].

وفي تفسير الآية الثانية جاء فيه: “اعلم أنّه سبحانه وتعالى لمّا عظم كتابهم في الآية المتقدّمة عظم بهذه الآية منزلتهم فقال ﴿ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾”[23].

وورد في مجمع البيان حول تفسير الآية الأولى: “﴿ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ وهو الجنّة، والأبرار أولياء الله المطيعون في الدنيا”[24].

وفي تفسير الآية الثانية ورد فيه: “﴿ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ أي يحصلون في ملاذ وأنواع من النّعمة في الجنّة”[25].

يظهر من خلال تفسير هاتين الآيتين أنّه لا اختلاف دلاليًا بينهما، فقد تشابهتا من باب التكرار الذي يفيد التوكيد، ولكن بالنظر في سياق كلّ واحدة منهما يتبيّن وجه الاختلاف.

فالمقصود بالنّعيم في الانفطار غير المقصود به في المطفّفين، ففي الأولى يُقصد به النّعيم بالقوّة، وأمّا الثانية فيُقصد به النّعيم بالفعل، أي إنّ الأبرار في سورة الانفطار مستحقّون لنعيم الآخرة عند حلول يوم القيامة، فالآيات التي تسبق هذه الآية تتحدّث عن حفظ الملائكة للأعمال وتسجيلها إلى يوم الدين ﴿ وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ١٠ كِرَامٗا كَٰتِبِينَ١١ يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ١٢ ﴾ (الانفطار 10 ¬ 12)، فمن يقوم بالبرّ يستحقّ النّعيم، ومن يفجر يستحقّ الجحيم ﴿وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٖ١٤ يَصۡلَوۡنَهَا يَوۡمَ ٱلدِّينِ١٥﴾ (الانفطار 14 ¬ 15).

وكما أنّ حفظ الأعمال يكون في الدنيا، قد يكون المقصود بالنّعيم النّعيم الدنيوي، فالله يُغدق نعَمه على المؤمن في الدنيا والآخرة. وبناءً عليه، فإنّ النّعيم في هذه الآية يدلّ على استحقاق الأبرار للنعيم الأُخروي، والترغيب للقيام بالأعمال البارّة والصالحة التي تُحفظ في سجلّ الأعمال، وتجعل الإنسان يعيش في نعيم دنيويٍّ فضلًا عن استحقاقه للنعيم الأُخروي.

أمّا النّعيم في سورة المطفّفين فيختلف دلالةً عن النّعيم في سورة الانفطار، إذ يُقصد به النّعيم الفعلي، وذلك لسبق هذه الآية بالآيات التي تتحدّث عن مشاهدة الكتاب، والمشاهدة لا تتمّ إلّا في يوم الحساب ﴿ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ١٩ كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ٢٠ يَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ٢١﴾ (المطفّفين 19 ¬ 21)، واتباعها أيضًا بآيات تفصّل النّعيم الموجود في الجنّة ﴿ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ١٩ كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ٢٠ يَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ٢١﴾ (المطفّفين 24 ¬ 28)، فالنّعيم هنا هو ما يتنعّم به المؤمنون في الجنّة.

إذًا، فاختلاف المقصود بالنّعيم يجعل لكلّ آية دلالتها الخاصّة، وإنْ تشابهت تشابهًا تامًّا مع الأخرى.

  1. المتشابه المختلف في الإبدال

﴿ وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦﴾ (التّكوير 6).

﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣﴾ (الانفطار 3).

اختلفت هاتان الآيتان في استخدام لفظتين مترادفتين (سجّرت) و(فجّرت)، فلماذا استخدمت سجّرت في الأولى وفجّرت في الآخرة؟

جاء في مجمع البيان: ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦﴾ أي أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها حتّى امتلأت، وقيل إنّ المعنى فجر بعضها في بعض فصارت البحور كلّها بحرًا واحدًا، ويرتفع البرزخ عن مجاهد ومقاتل والضحّاك، وقيل سجّرت أي أوقدت فصارت نارًا تضطرم عن ابن عبّاس”[26]. و”﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣﴾ أي فتح بعضها في بعض عذبها في ملحها وملحها في عذبها فصارت بحرًا واحدًا عن قتادة والجبائيّ، وقيل معناه ذهب ماؤها عن الحسن”[27].

وفي تفسير الميزان: “قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦﴾ فسّر التسجير بإضرام النّار، وفسّر بالملأ والمعنى على الأول، وإذا البحار أضرمت نارًا، وعلى الثاني وإذا البحار مُلئت”[28]؛ و”قوله تعالى ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣﴾ قال في المجمع: التفجير خرق بعض مواضع الماء إلى بعض التّكثير، ومنه الفجور لانخراق صاحبه بالخروج إلى كثير من الذنوب، ومنه الفجر لانفجاره بالضياء، انتهى. وعليه يرجع تفسيرهم لتفجير البحار بفتح بعضها في بعض حتّى يزول الحائل ويختلط العذب منها والمالح ويعود بحرًا واحدًا، وهذا المعنى يُناسب تفسير قوله ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦﴾ التّكوير: ٦ بامتلاء البحار”[29].

وفي التفسير الكبير: “قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦﴾ قُرئ بالتّخفيف والتشديد، وفيه وجوه: (أحدها) أنّ أصل الكلمة من سجرت التّنور إذا أوقدتها، والشّيء إذا وقد فيه نشف ما فيه من الرّطوبة، فحينئذٍ لا يبقى في البحار شيء من المياه البتّة، ثمّ إنّ الجبال قد سُيّرت على ما قال (وسيّرت الجبال)، وحينئذٍ تصير البحار والأرض شيئًا واحدًا في غاية الحرارة والإحراق، (وثانيها) أن يكون (سجّرت) بعنى (فجّرت) وذلك لأنّ بين البحار حاجزًا على ما قال ﴿﴿مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ١٩ بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ٢٠﴾  (الرحمن 1920) فإذا رفع الله ذلك الحاجز فاض البعض في البعض وصارت بحرًا واحدًا، وهو قول الكلبي، (وثالثها) (سجّرت) أوقدت”[30].

وقوله “﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣﴾ وفيه وجوه (أحدها) أنّه ينفذ بعض البحار في البعض بارتفاع الحاجز الذي جعله الله برزخًا، وحينئذٍ يصير الكلّ بحرًا واحدًا، وإنّما يرتفع ذلك الحاجز لتَزلزُلِ الأرض وتصَدُّعها، (وثانيها) أنّ مياه البحار الآن راكدة مجتمعة، فإذا فجرت تفرّقت وذهب ماؤها، (وثالثها) قال الحسن فجرت أي يبست”[31].

بلحْظ ما مرّ من تفسير هاتين الآيتين، لا يُعثر على اختلاف جوهري بين دلالة الفعلين فيهما، فالفعل الأول يفيد بأنّ البحور مُلئت وفجّر بعضها إلى بعض حتّى صارت بحرًا واحدًا، والفعل الثاني يفيد بأنّ البحور فُتحت على بعضها فاختلط العذب بالمالح وصارت بحرًا واحدًا.

ولكن بالرجوع إلى السّياق العام لموضع الآيتين يُكتشَف اختصاص كلّ موضع بلفظه، فالفعل “سُجّرت” ورد في سياق الآيات التالية: ﴿إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ١ وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ٢ وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ سُيِّرَتۡ٣ وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ٤ وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ ٥ وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ٦ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ٧﴾ (التّكوير 1←7)، والتأمّل في دلالة مادّة “سجر” يكشف عن روابط دلالية بين الفعل “سجّرت” والسّياق العام، فمادة “سجر” حسب ما ورد في لسان العرب تدلّ على:

  • النار والحرارة: “فالسجر الاتّقاد في التنّور، والسجور: اسم الحطب، وسجر التنّور: أوقده وأحماه”[32].
  • سير الإبل: “سجرت الناقة: حنّت الناّقة فطربت في إثر ولدها، وانسجرت الإبل في السير: تتابعت، والسّجْر: ضرب من سَير الإبل”[33].
  • القيد: “والساجور: القلادة أو الخشبة التي توضع في عنق الكلب. وسجر الكلب والرجل يسجره سجرًا وضع السّجور في عنقه”[34].
  • التقارب والائتلاف: “وسجير الرجل: خليله وصفيّه، والجمع سجراء. وساجره: صاحبه وصافاه”[35].
  • تداخل الألوان: “وعين سجراء: إذا خالط بياضها زرقة، أو هي حمرة في زرقة”[36].

 

فالدّلالة الأولى (النار والحرارة) تتقاطع مع دلالة الآيات ﴿إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ١ وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ٢﴾ (التّكوير 1-2) والآية ﴿ وَإِذَا ٱلۡجَحِيمُ سُعِّرَتۡ١٢﴾ (التّكوير 12)، لما تستبطن هذه الآيات من معنى النار والحرارة.

والدّلالة الثانية (سير الإبل) تتفاعل مع الآية الكريمة ﴿ وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ٤﴾ (التّكوير 4)، و”العشار هي النوق الحوامل التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر” فلا يخفى التناسب بين الفعل “سجّرت” والعشار.

والدّلالة الثالثة (القيد) تتلاءم مع دلالة الآية الكريمة ﴿ وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ ٥﴾ (التّكوير 5) أي جُمعت وقيّد اضطرابها كما يتقيّد الكلب بالساجور.

والدّلالة الرابعة تُناسب الآية الكريمة ﴿ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ٧﴾ (التّكوير 7) أي قُرنت بعضها إلى بعض.

أمّا الدّلالة الأخيرة (تداخل الألوان) فتتناسب مع الدّلالة العامّة للآيات، حيث يتحوّل الكون إلى صورة مغايرة عن صورته الأولى، فتتقاطع وتتمازج فيه الألوان عند رؤية تكوير الشّمس وانكدار النجوم وتسجير البحار…

إنّ شبكة العلاقات الدلالية بين مادّة (سجر) والسّياق العام لا تتوافر في مادّة (فجر)، لذلك جاء الفعل (سُجِّرت) في سورة التّكوير، والفعل (فُجِّرت) في سورة الانفطار، ولا يعني ما تقدّم غياب التقاطع الدلالي بين مادّة (فجر) وسياقها العام، فقد جاء الفعل (فجّرت) في سياق التفرّق، إذ يتناسب انفجار البحار مع انفطار السّماء وانشقاقها وبعثرة القبور وانتثار الكواكب، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ١ وَإِذَا ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ٢ وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣ وَإِذَا ٱلۡقُبُورُ بُعۡثِرَتۡ٤﴾ (الانفطار 1←4)، وفي المقابل تحقّق تناسب بين الفعل (سجّرت) والسّياق العام، حيث جاء في سياق التجميع، إذ إنّ انفجار البحار وتحوّلها إلى بحرٍ واحد، وحشر الوحوش وتجميعها، وتزويج النّفوس واقتران بعضها ببعض، هو اجتماع وائتلاف يُناسب بعضه بعضًا.فكلّ لفظة جاءت مختصّة بمكانها المناسب.

 

  1. المتشابه المختلف في الذّكر والحذف

﴿كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٤ ﴾ (النبأ 4).

﴿ثُمَّ كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٥﴾ (النبأ 5).

تميّزت الآية الثانية عن الأولى بدخول (ثمّ)، فهل يضيف هذا الحرف دلالةً جديدة على الآية الثانية أم تكون تكرارًا للأولى وتأكيدًا لها؟

جاء في تفسير الميزان: “قوله تعالى: ﴿كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٤ ثُمَّ كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٥﴾ ردع عن تساؤلهم عنه بانين ذلك على الاختلاف فالنفي، أي ليرتدعوا عن التساؤل لأنّه سينكشف لهم الأمر بوقوع هذا النبأ فيعلمونه، وفي هذا التعبير تهديد كما في قوله: ﴿وَسَيَعۡلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَيَّ مُنقَلَبٖ يَنقَلِبُونَ٢٢٧﴾ الشّعراء: 227.

وقوله: ﴿ثُمَّ كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٥﴾ تأكيد للرّدع والتهديد السابقين، ولحن التهديد هو القرينة على أنّ المتسائلين هم المشركون النافون للبعث والجزاء، دون المؤمنين ودون المشركين والمؤمنين جميعًا”[37].

وجاء في الكشّاف: “(كلّا) ردع للمتسائلين هزوًّا، و(سيعلمون) وعيد لهم بأنّهم يعلمون أنّ ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حقّ لأنّه واقع لا ريب فيه، وتكرير الردع مع الوعيد تشديد في ذلك، ومعنى (ثمّ) الإشعار بأنّ الوعيد الثاني أبلغ من الأول وأشدّ”[38].

وعن سيّد قطب في تفسيره: ﴿كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٤ ثُمَّ كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٥﴾ ولفظ كلّا، يُقال في الردع والزجر، فهو أنسب هنا للظلّ الذي يُراد إلقاؤه. وتكراره وتكرار الجملة كلّها فيه من التهديد ما فيه”[39].

لم يتبيّن من خلال ما مرّ من تفسير أنّ هاتين الآيتين تختلفان دلاليًا، ولكن بملاحظة السّياق والأخذ في الاعتبار ما تدلّ عليه (ثمّ) قد تظهر بعض الفروقات بينهما.

بدايةً لا بدّ من التوقّف على دلالات حرف العطف (ثمّ).

جاء في الكتاب: “ومنه مررت برجل راكب وذاهب استحقّتهما لا لأنّ الرّكوب قبل الذهاب، ومنه مررت برجلٍ راكب فذاهب استحقّتهما إلّا أنّه بيّن أنّ الذهاب بعد الرّكوب، وأنّه لا مهلة بينهما وجعله متّصلًا به، ومنه: مررت برجلٍ راكب ثمّ ذاهب فبيّن أنّ الذهاب بعده وأنّ بينهما مهلة وجعله غير متّصل به فصيّره على حدّه”[40]. وعن سيبويه أيضًا: “ومن ذلك قولك مررت بزيد فعمرو، ومررت برجل فامرأة، فالفاء أشركت بينهما في المرور وجعلت الأول مبدوءًا به، ومن ذلك: مررت برجلٍ ثمّ امرأة، فالمرور هنا مروران، وجعلت ثمّ الأول مبدوءًا به وأشركت بينهما في الجرّ”[41].

وجاء في المفردات: “ثمّ حرف عطف يقتضي تأخّر ما بعده عمّا قبله إمّا تأخيرًا بالذات أو بالمرتبة أو بالموضع”[42].

وذكر الرضيّ بأنّ ثمّ قد تأتي لمجرّد الترتيب في الذّكر فقال: “وقد تجيء ثمّ لمجرّد الترتيب في الذّكر، والتدرّج في درج الارتقاء، وذكر ما هو الأولى ثمّ الأولى من دون اعتبار التراخي والبعد بين تلك الدرج، ولا أنّ الثاني بعد الأول في الزمان بل ربّما يكون قبله”[43].

بناءً على ما تقدّم، يتبيّن أن (ثمّ) تمتاز عن الواو بالترتيب والمهلة، وعن الفاء بالتّراخي الزّمنيّ أو الرّتبيّ أو الوجوديّ، وقد تدلّ على التّرتيب في الذّكر فقط.

وبالرجوع إلى الآيتين، وبعد الاطّلاع على دلالات (ثمّ)، يتبيّن أنّ متعلّق العلم في كلّ من الآيتين مختلفٌ عن الآخر، ففي الأولى ﴿ثُمَّ كـَلَّا سَيَعۡلَمُونَ٥﴾ (النبأ 4) أي سيعلمون بالذي يردعهم عن الاختلاف مع المؤمنين حول وقوع يوم الآخرة ﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ١ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِيمِ٢ ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ مُخۡتَلِفُونَ ٣﴾ (النبأ 1 ¬ 3) وذلك من خلال التدبّر بالآيات التي تدلّ على عظمة الله وقدرته ﴿ أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا ٦ وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادٗا٧ وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا٨ وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا ٩ وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا١٠ وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشٗا١١ وَبَنَيۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعٗا شِدَادٗا١٢ وَجَعَلۡنَا سِرَاجٗا وَهَّاجٗا١٣ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡمُعۡصِرَٰتِ مَآءٗ ثَجَّاجٗا١٤ لِّنُخۡرِجَ بِهِۦ حَبّٗا وَنَبَاتٗا١٥ وَجَنَّٰتٍ أَلۡفَافًا١٦  (النبأ 6 ¬ 16)، فالتفكّر في هذه الآيات يؤدّي إلى التصديق بوقوع يوم الآخرة، إذًا إلى منع وقوع الاختلاف.

أمّا العلم في الآية الثانية فهو للردع عن الكفر، فبعد التصديق باليوم الآخر لا يعود هناك من مبرّر للكفر، والردع عن الاختلاف يسبق الردع عن الكفر، وهذا يتناسب مع معنى (ثمّ) في التراخي الرتبي.

من ناحية أخرى، قد يكون المقصود بالآية الأولى أنّهم سيعلمون صدقية ذلك عند الحشر والحساب ﴿ إِنَّ يَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ كَانَ مِيقَٰتٗا١٧ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا١٨﴾ (النبأ 17-18)، والآية الثانية عند الجزاء، عندما يشاهدون مصيرهم أمام أعينهم ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا٢١ لِّلطَّٰغِينَ مَـَٔابٗا٢٢ لَّٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا٢٣ لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرۡدٗا وَلَا شَرَابًا٢٤ إِلَّا حَمِيمٗا وَغَسَّاقٗا٢٥ جَزَآءٗ وِفَاقًا٢٦﴾ (النبأ 21 ¬ 26)، فيكون العلم الأول عند الحشر والثاني عند الجزاء، وما بين الحشر والجزاء مدّة من الزمن، وهذا يتناسب مع دلالة (ثمّ) على التراخي الزمني.

  1. المتشابه االمختلف في أحوال الأفعال

﴿وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا ٣﴾ (الشّمس 3).

﴿وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ٢﴾ (اللّيل 2).

اختلفت هاتان الآيتان في وزن الفعل، ففي الآية الأولى جاء الفعل على وزن فعّل (جلّاها)، وفي الآية الثانية جاء على وزن تفعّل (تجلّى)، وورد في جامع الدروس معنى هذين المصدرين فـ “باب فعّل يكون للتكثير وللتعدية غالبًا، فالتكثير يكون في الفعل نحو طوّفتُ وجوّلتُ أي أكثرت من الطواف والجولان، وفي المفعول نحو غلّقت الأبواب أي أبوابًا كثيرة. وباب تفعّل يكون للتكلّف غالبًا نحو تعلّم، تصبّر، تسجّع، تحلّم، وقد يكون التكلّف ممزوجًا بادّعاء شيء ليس من شأن المدّعي نحو: تكبّر وتعظّم”[44].

إذًا، فالفعل في الآية الأولى متعدٍّ وفي الآية الثانية لازمٌ، وبناءً عليه، تكون الآية الأولى عن النّهار من ناحية علاقته بغيره، والثانية عن النّهار من ناحية علاقته بنفسه، وقبل التوقّف على سبب الاختلاف لا بدّ من إلقاء النظر على بعض تفاسير هاتين الآيتين.

ورد في تفسير الزمخشري: “(إذا جلّاها) عند انتفاخ النّهار وانبساطه لأنّ الشّمس تنجلي في ذلك الوقت تمام الانجلاء، وقيل الضمير للظلمة أو للدنيا أو للأرض وإن لم يجر لها ذكر كقولهم أصبحت باردة يريدون الغداة”[45] و”(تجلّى) ظهر بزوال ظلمة اللّيل أو تبيّن وتكشّف بطلوع الشّمس”[46].

وجاء في تفسير الميزان: “قوله تعالى: ﴿وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا ٣﴾، التجلية الإظهار والإبراز، وضمير التأنيث للأرض، والمعنى وأقسم بالنّهار إذا أظهر الأرض للأبصار.

وقيل: ضمير الفاعل في (جلّاها) للنهار وضمير المفعول للشمس، والمُراد الإقسام بحال إظهار النهار للشمس فإنّها تنجلي وتظهر إذا انبسط النّهار، وفيه أنّه لا يلائم ما تقدّمه فإنّ الشّمس هي المظهرة للنهار دون العكس”[47]، و”قوله تعالى ﴿وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ٢﴾ عطفٌ على اللّيل والتجلّي ظهور الشّيء بعد خفائه”[48].

وذكر الرازي في تفسيره وجهين لضمير الهاء في جلّاها حيث قال: “والضمير في جلّاها إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان (أحدهما) وهو قول الزجاج أنّه عائدٌ إلى الشّمس وذلك لأنّ النهار عبارة عن نور الشّمس. فكلّما كان النّهار أجلى ظهورًا كانت الشّمس أجلى ظهورًا… (الثاني) وهو قول الجمهور – أنّه عائدٌ إلى الظلمة، أو إلى الدنيا، أو إلى الأرض. وإن لم يجر لها ذكر، يقولون أصبحت باردة يريدون الغداة، وأرسلت يريدون السّماء”[49].

وفي تفسير آية اللّيل قال في الآية ﴿وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ٢﴾: “اعلم أنّه تعالى أقسم باللّيل الذي يأوي فيه كلّ حيوان إلى مأواه، ويسكن الخلق عن الاضطراب، ويغشاهم النّوم الذي جعله الله راحةً لأبدانهم وغذاءً لأرواحهم، ثمّ أقسم بالنّهار إذا تجلّى، لأنّ النّهار إذا جاء انكشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة”[50].

بالرّبط بين ما ورد في التّفاسير وبين معاني الأوزان، يمكننا استخلاص النّتيجة التّالية هي أنّ كلتا الآيتين مرتبطتان بالنّهار وعلاقته بالشّمس فجلّاها في الأولى أي أكثر من ظهورها ووضوحها، فما النّهار إلّا أثر لنور الشّمس فإذا قوي الأثر دلّ ذلك على قوّة المؤثّر، فكلّما قوي النهار في الوضوح أكثر من وضوح وظهور الشّمس. وتجلّى في الثانية أي تكلّف في الظهور، فظهور النّهار حقيقة ليس بذاته، وكأنّه هنا يدّعي شيئًا ليس من شأنه، فالظهور الحقيقي للشّمس وإنّما نُسب للنهار لكونه انعكاسًا لنورها.

الخاتمة

تناول هذا البحث موضوع الأسرار البلاغيّة للتركيب اللّغويّ في الآيات المتشابهة، التي تشابهت تشابهًا تامًّا، أو تشابهًا مختلفًا في الإبدال، أو في الذّكر والحذف، أو في أحوال الأفعال.

ومن أبرز النتائج التي توصّل إليها هذا البحث:

  1. مراعاة السّياق في تفسير الآيات أو توجيهها يكشف عن وجه من وجوه الإعجاز البلاغيّ فيها.
  2. حسبان الآيات المتشابهة من أعظم الدلائل على إعجاز القرآن الكريم، فاختلاف جملة أو كلمة، بل حرف، يُبرز أسرارًا عظيمة، وحكمًا عجيبة، لا يتصوّرها إلّا من يتأمّل ويتدّبر فيها.

أمّا التوصيات المقترحة فيمكن إيجازها بالتالي:

  1. الأخذ في الحسبان المعاني النّحويّة في تفسير الآيات لما لها من دور مهمّ في تحديد الدّلالة وتوجيهها.
  2. الاعتناء بالسّياق والإحاطة به إحاطة كاملة لتحديد الدّلالة المقصودة من الكلام بدقّة.
  3. البحث في التوجيهات التفصيلية للآيات المتشابهة في كلّ أجزاء القرآن لما يكتنف ذلك من لطائف بلاغية ولغويّة لا مثيل لها.

وأخيرًا، إنّ البلاغة القرآنية هي المجال الأرحب للدراسات والبحوث البلاغيّة الراقية، فهي ذروة سنامه وعموده، وبحره الذي لا ينفد.

 

ثبت المصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم.
  2. ابن منظور: لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 3، 1993 م.
  3. الإسكافي، أبو عبد الله محمّد بن عبد الله: درّة التنزيل وغرّة التأويل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1995 م.
  4. الأصفهاني، الراغب: مفردات ألفاظ القرآن، دار المعرفة، بيروت، د ط، 1422 ه.
  5. الآلوسي، عبد الله الحسيني: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د ط، د تا.
  6. الرازي، فخر الدين محمد بن عمر: التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، د تا.
  7. الرضي، محمد بن الحسن الاستراباذي السمنائي النجفي: شرح الرضي لكافية ابن الحاجب، تح: حسن بن محمّد بن إبراهيم الحفظي ويحيى بشير مصطفى، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1996م.
  8. الزمخشري: الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار المعرفة، بيروت، د ط، د تا.
  9. سراج صالح ملائكة، دليل آيات متشابهة الألفاظ في كتاب الله العزيز، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، ط 4، 2006 م.
  10. سيبويه: الكتاب، تح: عبد السلام محمد بن هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 3، 1988 م.
  11. الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلى للمطبوعات، بيروت، ط 2، 1974م.
  12. الطبرسي، ابو علي الفضل بن الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1، 1986 م.
  13. الغلاييني، مصطفى، جامع الدروس العربية، دار الفكر، بيروت، د ط، 2007 م.
  14. قطب، سيّد: في ظلال القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 7، 1971 م.
  15. الكرماني، برهان الدين أبو القاسم محمود بن حمزة بن نصر: البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجّة والبيان، تحقيق السيّد الجميلي، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1997 م.

[1]. سراج صالح ملائكة، دليل آيات متشابهة الألفاظ في كتاب الله العزيز، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، ط 4، 2006 م.

[2]. أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الإسكافي: درّة التنزيل وغرّة التأويل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1995 م.

[3]. برهان الدين أبو القاسم محمود بن حمزة بن نصر الكرماني: البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجّة والبيان، تحقيق السيّد الجميلي، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1997 م.

[4]. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، ط 3، 1993 م.

[5]. أنيس، إبراهيم، منتصر، عبد الحليم، أحمد، محمد خلف الله: المعجم الوسيط، مطابع دار المعارف، مصر، ط 2، 1973 م، ج 1، ص 978-979.

[6]. الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية، بيروت، د ط، د تا، ج 1، ص 303-304.

[7]. الإسكافي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله: درة التنزيل وغرّة التأويل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1995 م، ص 3.

[8]. الغرناطي، أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي: ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه من آي التنزيل،  دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 2006 م، ج 6، ص 336.

[9]. الزركشي، بدر الدين بن بهادر بن عبد الله: البرهان في علوم القرآن، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الحديث، القاهرة، ط 1، 2006 م، ج 1، ص 112.

[10]. الجرمي، إبراهيم: معجم علوم القرآن، دار القلم، دمشق، ط 1، 2001 م، ص 241.

[11]. الرازي: التّفسير الكبير، المجلّد السادس عشر، ص 49.

[12]. الرازي: م ن، المجلّد السادس عشر، ص 63.

[13]. الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج 15، ص 35.

[14]. الآلوسي: م ن، ج 15، ص 48.

[15]. الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، المجلّد العشرون، ص 191.

[16]. الطباطبائي: م ن، ص 210.

[17]. ابن منظور: لسان العرب، المجلّد الثامن، ص 203.

[18]. الزمخشري: الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، المجلّد الرابع، ص 220.

[19]. ابن منظور: لسان العرب، المجلّد السابع، ص 294.

[20]. الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، المجلّد العشرون، ص 227.

[21]. الطباطبائي: م ن، ص 237.

[22]. الرازي: التّفسير الكبير، المجلّد السادس عشر، ص 84.

[23]. الرازي: م ن، ص 98.

[24]. الطبرسي: مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 573.

[25]. الطبرسي: م ن، ص 581.

[26]. الطبرسي: مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 565.

[27]. الطبرسي: م ن، ص 572.

[28]. الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، المجلّد العشرون، ص 214.

[29]. الطباطبائي: م ن، ص 223.

[30]. الرازي: التّفسير الكبير، المجلّد السادس عشر، ص 68.

[31]. الرازي: التّفسير الكبير، ج 31، ص 76-77.

[32]. ابن منظور: لسان العرب، المجلّد السادس، ص 177.

[33]. ابن منظور: م ن، ص 179.

[34]. ابن منظور: م ن، ص 178.

[35]. ابن منظور: م ن، ص 179.

[36]. ابن منظور: م ن، ص 178.

[37]. الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، المجلّد العشرون، ص 160.

[38]. الزمخشري: الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، المجلّد الرابع، ص 207.

[39]. سيّد، قطب: في ظلال القرآن، ج 8، ص 427.

[40]. سيبويه: الكتاب، ج 1، ص 429.

[41]. سيبويه: الكتاب، ج 1، ص 438.

[42]. الالأصفهاني، راغب: المفردات، ص 11.

[43]. الرضي، محمد بن الحسن الاستراباذي السمنائي النجفي: شرح الرضي لكافية ابن الحاجب، تح: حسن بن محمّد بن إبراهيم الحفظي ويحيى بشير مصطفى، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1996 م، ج 2، ص 407.

[44]. مصطفى، الغلاييني: جامع الدروس العربية، دار الفكر، بيروت، د ط، 2007 م، ص 142.

[45]. الزمخشري: الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: المجلّد الرابع، ص 258.

[46]. الزمخشري: المرجع نفسه، ص 260.

[47]. الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، المجلّد العشرون، ص 296.

[48]. الطباطبائي: المرجع نفسه، ص 302.

[49]. الرازي: التّفسير الكبير، المجلّد السادس عشر، ص 190.

[50]. الرازي: التّفسير الكبير، المجلّد السادس عشر، ص 197.

عدد الزوار:23

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى